للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لوجب رفع الوجه بالفاعلية فكذلك حق الصفة ان يجب معها الرفع، ولكنهم قصدوا المبالغة مع الصفة فحولوا الإسناد عن الوجه إلى ضمير مستتر في الصفة راجع إلى زيد ليقتضي ذلك أن الحسن قد عمه بجملته فقيل (زيد حسن) أي هو، ثم نصب وجه (١).

وجاء في (شرح الرضي على الكافية): " أما حسن انتصاب المعمولين، في القياس فلأنك قصدت المبالغة في وصف الوجه بالحسن، فنصب (وجهًا) على التمييز، ليحصل له الحسن إجمالا وتفصيلا، ويكون أيضا أوقع في النفس للإبهام أولا ثم التفسير ثانيا (٢).

وليس كل التعبيرات فيها هذان الجانبان، بل ليس في بعضها إلا الإيضاح بعد الإبهام فلا يصح جعل الصفة فيها لجملة الموصوف، وذلك نحو قولك: (الفيل مدبب نابه) إذ لا يصح أن يقال (الفيل مدبب) (٣).، ونحوه (كلبك كثيف شعره) و (أخوك قليل ماله) فلا يصح وصف الكلب بالكثافة والأخ بالقلة على جهة العموم، وإنما فيه إيضاح بعد إبهام فإنك إبهمت جهة الوصف، ثم بينتها.

٥ - مررت برجل حسن وجها - وهذا التعبير كالذي قبله من حيث المبالغة والإبهام غير تنكير الوجه، والمعنى بالوجه وجه الرجل، والمعرفة والنكرة هنا يتقاربان، في الدلالة، فإنك إذا قلت: (محمد حسن الوجه) أو قلت: (محمد حسن وجها) فإن الوجه يعود إلى محمد عرفته، أو نكرته والفرق بينهما كالفرق بين قولك (الله خلقكم من ماء) و (الله خلقكم من الماء) فإن المعرف بـ (ال) الجنسية فيه من العموم ما يقر به من النكرة وإن كان لا يطابقه، وقد مر هذا في بابه.

وقد يكون الاختلاف بين معنى هذين التعبيرين، أو بين هذه التعبيرات من وجه آخر، وذلك نحو قولك (هو كريم أبا) فـ (أبا) يحتمل الحال والتمييز، فهو يحتمل أنه كريم في حال أبوته، أي هو كريم إذا كان أبا ويحتمل أن أباه كريم، بخلاف قولك (هو كريم أبوه أو كريم الأب) بالإضافة فهو لا يحتمل إلا أن أباه كريم.


(١) شرح شذور الذهب: ٣٠٢
(٢) شرح الرضي على الكافية ٢/ ٣٢١ - ٢٣٢
(٣) هذه صفة مشبهة وإن كانت على صيغة اسم المفعول لأنها صفة دالة على الثبوت

<<  <  ج: ص:  >  >>