إلى الملك القرم وابن الهمام ... وليث الكتيبة في المزدحم
وذا الرأي حين تغم الأمور ... بذات الصليل وذات اللج
فنصب (ليث الكتيبة) و (ذا الرأي) على المدح والاسم قبلهما مخفوض (١).
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى أنك إذا قطعت فإنك تعني أن المخاطب يعلم من اتصاف الموصوف بهذه الصفة، ما يعلمه المتكلم، فإن القطع يدل على أن الموصوف مشتهر بهذه الصفة، معلوم بها عند السامع، كما عند المتكلم ولست تريد ان تعلمه بها، فإذا قلت (مررت بمحمد الكريم) كان المعنى: مررت بمحمد المعروف بالكر المشتهر به بخلاف قولك (مررت بمحمد الكريم) فإنك قد تريد بذلك أن تميزه عن غيره، وتبينه به، فالقطع لا يكون إلا إذا كان الموصوف مشتهرا بالصفة، معلوما بها حقيقة أو ادعاء أي تدعي أنه مشهور بهذه الصفة، فإذا مدحته بالقطع ادعيت أنه معروف بهذه الصفة مشتهر بها فيكون أمدح له. وإذا ذممته كنت ادعيت أنه مشهور بهذه الخصلة الذميمة معلوم بها، فإنك قلت (مررت بخالد الدنيء) لم ترد أن تعلم المخاطب بأن خالدا دنيء لأن المخاطب لا يجهل ذلك، وإنما أردت ذكره بأمر يعلمه كل أحد فيكون اهجي له، وأذم، قال تعالى:{وامرأته حمالة الحطب}[المسد: ٤]، فنصب لأنه لم يرد أن يخبر بأمر مجهول، وإنما ذكرها بأمر مشهور يعرفه كل أحد إضافة إلى الذم بصيغة المبالغة فهو ذمها بصيغة المبالغة أولا ثم بالقطع بأن جعل هذا أمرًا معلوما لا يخفى على أحد
ولهذا إذا كانت الصفة لقصد التوضيح والتبيين، وتييز الموصوف من غيره، لا يصح قطعا " إذ لا قطع مع الحاجة" فالموصوف إذا احتاج إلى مائة صفة ليتميز من غيره لم يصح قطع واحدة منها، قال ابن مالك: