للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد يكون للتفخيم وذلك كقوله تعالى: {وقضينا إليه ذلك الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين} [الحجر: ٦٦]، فإنه أبهم الأمر أولا، ثم أوضحه وللإيضاح بعد الإبهام وقع في النفس ليس كما إذا جعل الكلام سردا واحدا.

جاء في الطراز: أعلم أن المعنى المقصود إذا ورد في الكلام مبهما فإنه يفيده بلاغة ويكسبه إعجابا وفخامة، وذلك لأنه إذا قرع السمع على جهة الإبهام فإن السامع له يذهب في إبهامه كل مذهب، ومصداق هذه المقالة، قوله تعالى: {وقضينا إليه ذلك الأمر} ثم فسره بقوله (إن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين) وهكذا في قوله تعالى: {إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما} فأبهمه أولا ثم فسره بقوله (بعوضة فما فوقها) ..

ألا ترى أنك إذا قلت: هل أدلك على أكرم الناس أبا وأفضلهم فعلا، وحسبا وأمضاهم عزيمة وأنفذهم رأيا؟ ثم تقول: فلان، فإن هذا وأمثاله يكون أدخل في مدحته مما لو قلت: فلان الأكرام الأفضل الأنبل (١).

وجاء في شرح الرضي على الكافية، وقد يكون الثاني لمجرد التفسير بعد الإبهام مع أنه ليس في الأول فائدة ليست في الثاني وذلك لأن للإبهام أولا، ثم التفسير ثانيا وقعا وتأثيرا ليس للاتيان بالمفسر أولا، وذلك نحو (برجل زيد) فإن الفائدة الحاصلة من (رجل) تحصل من (زيد) مع زيادة التعريف لكن الغرض ما ذكرنا (٢).

وقد يفيد البدل التوكيد وذلك إذا دل على الإحاطة والشمول (٣). نحو (جاءوا كبارهم وصغارهم) ونحو قوله تعالى: {تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا} [المائدة " ١١٤].

جاء في كتاب سيبويه: فالبدل أن تقول: ضرب الله ظهره وبطنه وضرب زيد الظهر والبطن، وقلب عمرو ظهره وبطنه، ومطرنا سهلنا وجبلنا، ومطرنا السهل والجبل. وإن شئت كان على الاسم بمنزلة أجمعين توكيدا ..


(١) الطراز ٢/ ٧٨ - ٧٩، وانظر البرهان ٢/ ٤٥٥
(٢) شرح الرضي ١/ ٣٧٠
(٣) انظر ابن الناظم ٢٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>