للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما قولك (اختصم الزيدون فالخالدون، أو ثم الخالدون) فيدل على الزيدين اختصموا أولا، فيما بينهم، ثم تبعهم الخالدون فاختصموا بينهم أيضا (١).

فإن أردت اختصام الزيدين والخالدين معا، لم يجز إلا أن تقول: اختصم الزيدون، والخالدون.

ومن هذا قوله تعالى: {وما يستوي الأعمي والبصير} [غافر: ٥٨]، لأن الفعل (استوي) يقضي أمرين، وأما قوله تعالى: {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة} [فصلت: ٣٤]، فقالوا فيه: إن (لا) الثانية زائدة لأمن اللبس، وكذا قوله تعالى: {وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور} [فاطر: ١٩، ٢٠] (٢). وذهب آخرون إلى أن المعنى، أن الحسنات لا تستوي فيما بينها، وكذلك السيئات فحسنة أعظم من حسنة، وسيئة أكبر من سيئة، فجيء بـ (لا) لهذا المعنى.

جاء في (البرهان): " وأما قوله: {ولا تستوى الحسنة ولا السيئة} فمن قال: المراد أن الحسن لا تساوي السيئة، فـ (لا) عنده زائده، ومن قال أن جنس الحسنة لايستوي أفراده وجنس السيئة لا يستوي افراده - وهو الظاهر من سياق الآية - فليست زائدة الواو عاطفة جملة على جملة (٣).

وقد ورد هذا الفعل في نحو هذا التعبير في خمسة مواطن من القرآن الكريم، هي قوله تعالى: {وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور، وما يستوي الأحياء ولا الأموات} [فاطر: ١٨ - ٢٢].

وقوله: {وما يستوي الأعمى والبصير والذين أمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيء} [غافر: ٥٨].

وقوله: {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن} [فصلت: ٣٤].


(١) انظر التصريح ٣/ ١٣٦، حاشية يس على التصريح ٢/ ١٣٦
(٢) الهمع ٢/ ١٢٩
(٣) البرهان ٤/ ٣٥٧

<<  <  ج: ص:  >  >>