وكل هذه المواطن تحتمل أن يكون قصد الاستواء في الجنس نفسه، فيمكن أن يقال أن الظلمات لا تستوي فيما بينها، والنور لا يستوي فقد تكون الظلمات بعضها أشد من بعض وكذلك النور، وكذلك قوله:(ولا الظل ولا الحرور) فإن الظل لا يستوي في جنسه والحرور أيضا، ونحو قوله:{وما يستوي الأحياء ولا الأموات} فإن الأموات لا يستوون وكذلك الأحياء، وكذلك ما بعده، فالمؤمنون لا يستوون والمسيئون لا يستوون، والحسنة لا تستوي والسيئة لا تستوي، كل هذا ممكن لغة.
ويحتمل أيضا زيادة (لا) والمقصود نفي الاستواء بين المتعاطفين.
وعلى هذا فإنه يمكن أن يقال: إذا ورد بـ (لا) احتمل أن يكون معناه نفي استواء الجنس فيما بينه، كما يحتمل نفي الاستواء بين المتعاطفين، اللهم إلا فيما لا يمكن أن يكون جنسا، كما إذا ورد نحو قولنا (ما يستوي محمد ولا خالد) فإنه في نحو هذا تتعين زيادة (لا) لأمن اللبس، و (لا) تزاد كثيرا للتوكيد عند أمن اللبس، وذلك نحو قوله تعالى:{قال ما منعك ألا تسجد}[الأعراف: ١٢]، أي ما منعك أن تسجد؟
فإن لم يرد التعبير بـ (لا) تعين أن المقصود نفي الاستواء بين المتعاطفين.
٦ - عطف الشيء على نفسه، أو على مرادفه بشرط زيادة فائدة في المعطوف ليست في المعطوف عليه، فإن لم تكن فائدة لم يصح العطف، وذلك نحو قوله تعالى، {قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل واسحاق إلها واحدا}[البقرة: ١٣٣]، فإله آبائه هو الهه ولذا قال (الها واحدا) وصح العطف، لأن في الثاني زيادة فائدة ليست في الأول.
ومنه:{فلله الحمد رب العالمين ورب الأرض رب العالمين}[الجاثية: ٣٦]، وقوله:{تلك آيات الكتاب وقرءان مبين}[الحجر: ١]، ونحوه أن تقول (هذا صديقك وصديق خالد).
جاء في الأصول:" تقول مررت بزيد أنيسك وصاحبك، فإن قلت: مررت بزيد أخيك فصاحبك والصاحب زيد لم يجز"(١).