للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجاء في (المقتضب): " وثم مثل الفاء إلا أنها أشد تراخيا (١).

وجاء في (جواهر الأدب) أن (ثم) حرف " يفيد الترتيب كالفاء مع المهلة والتراخي لأنها أكثر حروفاً منها" (٢). قال تعالى: {أماته فأقبره ثم إذا شاء أنشره} [عبس: ٢١ - ٢٢]، فعقب بالفاء بعد (أماته) لأن الإقبار في عقب الموت، وراخي بعد ذلك لأن النشور يتأخر (٣).

وقال تعالى: {وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون} [يس: ٣٧]، فجاء بالفاء لأن الليل يعقب النهار (٤). وقال: {ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون} [الروم: ٢٠]، فجاء بـ (ثم) لأن البشر المنتشر متراخ عن كونه ترابا، وبينهما مهلة.

جاء في (تفسير الرازي) في قوله: {ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون} وقوله: {ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون} [الروم: ٢٥]، " قال ههنا (إذا أنتم تخرجون) وقال في خلق الإنسان أولا (ثم إذا أنتم بشر تنتشرون) فنقول هناك يكون خلق وتقدير وتدريج وتراخ، حتى يصير التراب قابلا للحياة فينفخ فيه روحه فإذا هو بشر، وأما في الإعادة لا يكون تدرج وتراخ بل يكون نداء وخروج، فلم يقل ههنا (ثم) (٥).

وخالف قوم في اقتضائها الترتيب والتراخي، واستدلوا على عدم الترتيب بقوله تعالى {خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها} [الزمر: ٦]، فإن خلق الزوج ليس بعد خلقهم من نفس واحدة، وبقول الشاعر:


(١) المقتضب ١/ ١٠، وانظر للزجاجي ٣١، المفصل ٢/ ١٩٧
(٢) جواهر الأدب ٢١٦
(٣) انظر التصريح ٢/ ١٤٠
(٤) انظر روح المعاني ٢٣/ ١٠
(٥) التفسير الكبير ٢٥/ ١١٦

<<  <  ج: ص:  >  >>