للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{ثم أنشأناه خلقا آخر} [المؤمنون: ١٤]، وكقوله تعالى: {خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون} [الأنعام: ١]، فالإشراك بخالق السماوات والأرض مستبعد غير مناسب، وهذا المعنى فرع التراخي ومجازه" (١).

وجاء في (البرهان): " قال ابن بري: قد تجي (ثم) كثيرا لتفاوت ما بين رتبتين في قصد المتكلم فيه تفاوت ما بين مرتبتي الفعل مع السكوت عن تفاوت رتبتي الفاعل كقوله تعالى: {الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون} فـ (ثم) هنا لتفاوت رتبة الخلق والجعل، من رتبة العدل مع السكوت عن وصف العادلين.

ومثله قوله تعالى: {فلا اقتحم العقبة} [البلد: ١١]، إلى قوله: {ثم كان من الذين امنوا} [البلد: ١٧] (٢). دخلت لبيان تفاوت رتبة الفك والإطعام من رتبة الإيمان ..

وذكر غيره في قوله: {ثم الذين كفروا بربهم يعدلون} أن ثم دخلت لبعد ما بين الكفر وبين خلق السماوات والأرض.

وعلى ذلك جرى الزمخشري في مواضع كثيرة من الكشاف .. قوله: {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا} [فصلت: ٣٠]، قال: كلمة التراخي دلت على تباين المنزلتين دلالتها على تباين الوقتين في جاء زيد ثم عمرو، أعني أن منزلة الاستقامة على الخير مباينة لمنزلة الخير نفسه لأنها أعلى منها وأفضل ..

والحاصل أنها:

للتراخي في زمان وهو المعبر عنه بالمهلة.


(١) شرح الرضي ٢/ ٤٠٦
(٢) يعني الآيات: {فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربة ثم كان من الذين أمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة} [البلد: ١١ - ١٧]

<<  <  ج: ص:  >  >>