٣ - ما أضافه هذا الكتاب إلى موضوع نظام القضاء من جديد سواء من حيث صياغة المبادئ أو تعليل الفروق بين مختلف آراء المذاهب أو التزام الأسلوب العقلي الهادئ المحايد إلى حد كبير من الحياد العلمي الذي أتيح لأبناء ذلك العصر.
[خصائص النظام القضائي في الإسلام]
للنظام القضائي في الإسلام تاريخ طويل حافل بالحركة والنضال في سبيل العدل والإنسان والحق والشرع، وملامح جذابة لما فيها من طرافة، ولقد توثقت صلتي بهذا النظام منذ أن صنفت كتابي "الوجيز في المرافعات المدنية والتجارية" إلى أن درسته في جانبيه الفقهي النظري والتاريخي وأعددت فيه أبحاثاً مخطوطة رأيت أن أخدمها بنشر بعض ما صنف في أدب القضاء لتزداد ثروتنا ومراجعنا في هذا المضمار.
والواقع أن النظام القضائي في الإسلام تمكن في خلال تاريخه الحافل في بعض العصور بالحركة والكفاح والتطور والمتناقضات أن يملي على صفحة الفقه والقضاء أروع القواعد والمبادئ التي تكلفت برعاية حقوق الإنسان وصيانه كرامته وعرضه وماله من التعدي والإتلاف والغصب والجور والشطط.
وحسبك أن تعلم أن المدين كان يباع بالدين في شريعة روما ومصر وأعراف الغرب قبل الإسلام فلما هيمن الشرع الإسلامي على مصر وطولب القضاء الإسلامي ببيع المدين بالدين تقرر أن المدين لا يباع بالدين كالسلعة ولكن يترك ليسعى لنفسه وللدائنين.
ولقد خاض هذا النظام في سبيل تحقيق ذلك أعنف المعارك وامتحن فيه بعض القضاة أقسى امتحان وحفل بأكثر الآراء والحلول تنوعاً ومراعاة لجوانب مختلفة من العدالة المحضة والمصلحة والضرورة ودون تاريخه سطوراً من نور