التشدد في اختيار القضاة وتطلب الكمال فيمن يولى القضاء لا نجد له نظيراً في أدب القضاء للماوردي- مثلاً- فإن الماوردي مال إلى الاعتدال في اشتراط الفضل في القاضي لما هو معروف عنه من واقعيته، ولذا فإن الماوردي صاغ القاعدة المعتدلة الواقعية الآتية فقال:
"إذا تكاملت شروط القضاء في جماعة، كان الأولى بالأمام أن يقلد أفضلهم، فإن عدل عن الأفضل إلى المقصر انعقدت ولايته، لأن الزيادة على كمال الشروط غير معتبرة"(أدب القضاء له ١/ ٢٥).
وهكذا كان السمناني يتمنى أن لا يرقى إلى دست القضاء إلا إنسان كامل علماً وعدلاً واجتهاداً لينصف أمثاله من جشع الأرمة وغيرة الضرة.
[نماذج من قواعد الفقه الإسلامي كما صاغها السمناني]
وثمة مزية أخرى يلمسها قارئ هذا الكتاب: ألا وهي عرض المسائل الفقيهة بشكل جذاب بارع الصياغة جاهز للتدوين القانوني بمجهود قليل يبذل في هذا المضمار وإليك بعض الأمثلة على ذلك:
[العقد الموقوف]
ففي العقد الموقوف صاغ القاعدة الآتية:
كل عقد لو تقدم عليه الإذن نفذ، إذا تأخر عنه الإذن انعقد موقوفاً على من له حق العقد (الحنفية).
أخرى بعكسها
لا ينعقد شيء من العقود موقوفا على الإجازة.
[تولية المرأة القضاء]
وذكر في آخر بحثه عن تولي المرأة القضاء قاعدة جامعة لحقوق المرأة ومركزها الفقهي فقال:
"وأجمعوا على أنها يجوز أن تكون وصياً، ووكيلاً، وقاسماً، وأميناً وأنها كالرجل في سائر العقود.