يصحبه ويكون أمينًا فقيهًا، يجري على هذا فيتوخى الصدق فيما يحضره ويغيب عن مشاهده، صادقًا فإن القاضي قد أمنه من أمر الحكم على من لا يؤمن على مثله إلا أمين، وفوض إليه (من) حجج الخصوم والمرفوعين إليه ما لا يفوضه إلا إلى ذوي العفاف والدين.
٢٩١ - وكذلك ينبغي أن يكون كاتب الإمام والسلطان لأنهما أعظم رتبة وأوفى منزلة والسيف في يد السلطان والشرع في يد الإمام.
[سيرة نظام الملك وإصلاحاته]
٢٩٢ - وقد شاهدنا في عصرنا هذا من الصاحب الأجل نظام الملك قوام الدين العالم العادل المظفر المنصور مولى النعم أبي علي الحسن بن علي بن إسحق رضي أمير المؤمنين أعز الله نصره الصدر المأمون على الدين والمسلمين وأهل الذمة والمعاهدين، الذين تكملت فيه صفات الإمامة واشتهرت بسيرته السير، العفيف نفسه الكريم طبعه الحافظ سره الرؤف في نظره المنزه عن دنس الكتاب والوزراء المحافظ على تلاوة القرآن وسماع الآثار والصوم في الهواجر والقفار، الباني المدارس في كل خطة وديار، لا يشتغل بسماع وتر ولا صوت فتنة ولا نظر في لهو ولا لعب بنرد ولا شطرنج ولا ينادم على خمر، ولا يستحسن قبيحًا ولا يقبح حسنًا فجزاه الله أحسن الجزاء عن الخلق وعن سلطانه الذي فعله يناسب خلقه وأصله يسد فرعه، الذي أسقط في وقته جميع المواخير التي من بغداد إلى جيحون، في سائر أعماله، ولا يعرف له حبس ولا قيد، ولا قتل ولا فساد طريق ولا نظر إلى حرمة السلطان المعظم جلال الدولة وجمال الملة ركن الإسلام والمسلمين معز الدنيا والدين أبي الفتح ملك شاه عضد الدولة الب ارسلان محمد بن داود بن مكائيل يمين أمير المؤمنين رحمه الله.