١٩ - والعلم الثاني هو علم الشرع، وما تقرر فيه من الأحكام، واختلف فيه من التكليف بين المسافر والمقيم، والمريض والصحيح، والحامل والحائل والحائض والطاهرة والذكر والأنثى، والحر والعبد، والصغير والكبير، والعاقل والمجنون، والمكره والطائع، والذاكر والناسي، والقاصد والهازل، ومختلف الأحكام باختلاف أحوال الإنسان، ويجوز عنه النيابة في بعضها وفي بعضها لا يجوز، وفي بعضها يلزم الحكم لغير الفاعل ولا يلزم الفاعل، وفي بعضها يشتركان، وفي بعضها لا يجب شيء أصلاً، وفي بعضها يستوفي المثل وفي بعضها تستوفى القيمة.
[ما يجب أن يكون عليه علم القاضي]
٢٠ - فالقاضي يجب أن يكون عارفًا بجميع الأحكام من الشرعيات حتى إذا ارتفع إليه في قضية عمل في قضائها وبت حكمها، مما هو مشروع في ذلك، أما من إجماع أو خلاف، ولا سبيل له إلى العلم بذلك إلا بطريق يوصل إليه، والطريق له إلى ذلك بعد سلامة الحواس وكمال العقل أن يكون عارفًا بكلام أهل اللغة، ومعاني كلامهم، أو في حكم العالم بذلك، وهذا يقتضي أن يعلم أولاً أن الكلام هل هو توفيق أو إيقاف مصطلح عليه، أو بعضه توفيق وبعضه اصطلاح، ويعرف الحقيقة والمجاز في لغة العرب، ويعرف هل نقلت الأسماء إلى الشرع، أم هي مبقاة على ما كانت عليه في اللغة. ويعرف ذلك الأوامر والنواهي، ويميز بين ذلك بما وضع للتمييز بينهما، ويعرف العموم والخصوص وما يشتملان عليه من الأحكام، كما يعرف أنواع الأمر والنهي ومسائلهما.