إذا لم يكن إمام للمسلمين ثابت الإمامة فمن تغلب على الأرض وملكها ودعا لنفسه، وقام بما يجب عليه من الحقوق، وذب عن الدين، وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر فهو في الولاية من قبله وجهته أكثر من الخوارج مع الإمام، فإذا قلنا أن ولاية من ولوه جائزة، وحكمه ماض فمن ليس في مقابلة إمام أولى وأحرى بجواز الولاية من قبله.
١١٤ - وإذا خلا الزمان من الإمام والمتغلبين على سبيل الفرض والتقدير فكل حكم يلزم العامة والإمام بين أظهرهم فهو لازم لهم مع عدمه، وكل حكم لا يلزمهم ولا يجوز لهم فعله مع وجوده فهم فيه أيضاً مع عدمه غير مخاطبين بفعله، والأول كالزكاة والصلاة وسائر العبادات التي يتفردون بها، والعقود التي يعقدونها.
١١٥ - والثاني كالحدود والقطع في السرقة وضرب الجزية والإحياء وما هو مفوض إلى الإمام، فأنه لا يستوفي ولا يأخذه بعضهم من بعض، وكذلك الأحكام وتوليها.
[باب التحكيم]
وهذا باب نذكر فيه التحكيم من الرجلين لغيرهما:
١١٦ - اعلم أنه يجوز أن يحكم الخصمان رجلاً واحدًا، ويجوز أن يحكما رجلين فما زاد.
١١٧ - وقد حكم علي عليه السلام أبا موسى الأشعري، وحكم معاوية عمرو بن العاص، ورضيا بحكمهما عليهما، وحكم عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأبي بن كعب زيد بن ثابت، وحكم عثمان وطلحة رضي الله عنهما جبير بن مطعم