وقال:{وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}. وما حكمت به الأنبياء عليهم السلام من الأحكام فأخبر الله تعالى عنهم في محكم القرآن فيحتاج إلى كتاب كبير، غير انا نشير إلى أن الأنبياء بعثوا بالحكم وإقامة الشرع وإنصاف الناس بعضهم من بعض، وأن الله تعالى شدد عليهم في القول وبالغ في الموعظة، فمن ذلك قوله (تعالى): {يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ}.
فأخبر أنه الجاعل له خليفة فأمره بالحكم بالحق ونهاه عن الهوى وأخبر أن الهوى مضل، وأن سبيله تعالى لا ضلال به ولا جور، ثم أخبر عن المضلين عن سبيله أن لهم عذاباً شديداً، وأنهم نسوا يوم الحساب لم يخافوه فركبوا الهوى وضلوا عن الهدى وقال:{وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ}.