"وتداول أهل بغداد ما خرج في معناه، وجلس أياماً في دار بالقرب من دار الخلافة وحبس، وأطلق ولازم منزله، فورد نظام الملك إلى بغداد، وخاطب الخلفية فيه، وورد بعد ذلك بسنتين عميد الملك أبو منصور بن جهير فراعاه ولاحظه".
هذه الأخبار المضطربة والوقائع الدالة على مدى الاحتكاك بين الخلافة العباسية والسلطنة السلجوقية والصراع الخفي على اقتسام النفوذ في تلك الرقعة التي قامت فيها الإمبراطورية السلجوقية كان ضحيتها صاحب الخبر حيث قدر له أن يقيم بين شقي الرحى وأن يتكلف الخليفة الغضب عليه والأمر بحبسه وأن تسارع الدولة السلجوقية إلى التشفع له وإنقاذه.
دعواه إثباته النسب:
ولا يفوتنا بعد هذا وقد عرفنا طرفاً من سيرة هذا الفقيه المنكود أن نستعرض تلك المحاكمة التي حاول خوضها لإثبات نسبه وكيف أخفق فيها وما أعقب ذلك من تظلمه وصلحه لما في هذه المحاكمة من غرابة وطرافة وتصوير لأخلاق ذلك العصر لثبوت رقه بوثيقة دونت فيها شهادة شهود أعدت من قبل إعداداً محكماً فأسقط في يده ولم يحر جواباً، ولكنه عاد يتظلم من الحكم ثم اضطر إلى قبول التصالح مع القاضي الذي رد عليه دعواه.
لقد روى لنا حوادث هذه القضية، وسير المحاكمة فيها وطرق التظلم منها كتاب الجواهر المضية.
وتبدأ حوادث هذه القضية بوفاة أحد القضاة من أسرة السمناني ويدعى أبو الحسين بن أحمد بن جعفر بن محمد، فقد توفي سنة ٤٦٦ هـ "فحضر (مجلس القضاة) أبو القاسم الرحبي غداة، وقد خرق ثيابه، وشوش عمامته وتخفى في مشيته، وفعل فعل أهل المصائب، وذكر أنه أخوه، وادعى أن القاضي أبا جعفر السمناني أبوه.
وتساءل الناس عن أسرة السمناني وعن سمنان التي تنسب إليها؟