للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «لَوْ أَخْطَأْتُمْ حَتَّى تَبْلُغَ السَّمَاءَ ثُمَّ تُبْتُمْ لَتَابَ عَلَيْكُمْ» . وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا «مِنْ سَعَادَةِ الْمَرْءِ أَنْ يَطُولَ عُمْرُهُ وَيَرْزُقَهُ اللَّهُ الْإِنَابَةَ» . وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ غَرِيبٌ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا «كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ» .

مَطْلَبٌ: فِي بَيَانِ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى «غَفَرْت لِعَبْدِي فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ»

وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «إنَّ عَبْدًا أَصَابَ ذَنْبًا فَقَالَ يَا رَبُّ إنِّي أَذْنَبْت ذَنْبًا فَاغْفِرْهُ لِي، فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ: عَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ فَغَفَرَ لَهُ. ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَصَابَ ذَنْبًا آخَرَ وَرُبَّمَا قَالَ ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا آخَرَ فَقَالَ يَا رَبُّ إنِّي أَذْنَبْت ذَنْبًا آخَرَ فَاغْفِرْهُ لِي، قَالَ رَبُّهُ: عَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ فَغَفَرَ لَهُ. ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَصَابَ ذَنْبًا آخَرَ وَرُبَّمَا قَالَ ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا آخَرَ فَقَالَ يَا رَبُّ إنِّي أَذْنَبْت ذَنْبًا فَاغْفِرْهُ لِي، فَقَالَ رَبُّهُ: عَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ فَقَالَ رَبُّهُ: غَفَرْت لِعَبْدِي فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ» قَالَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ مَعْنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ مَا دَامَ كُلَّمَا أَذْنَبَ ذَنْبًا اسْتَغْفَرَ وَتَابَ مِنْهُ وَلَمْ يَعُدْ إلَيْهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ «ثُمَّ أَصَابَ ذَنْبًا آخَرَ» فَلْيَفْعَلْ إذَا كَانَ هَذَا دَأْبَهُ مَا شَاءَ؛ لِأَنَّهُ كُلَّمَا أَذْنَبَ كَانَتْ تَوْبَتُهُ وَاسْتِغْفَارُهُ كَفَّارَةً لِذَنْبِهِ فَلَا يَضُرُّهُ " لَا أَنَّهُ يُذْنِبُ الذَّنْبَ فَيَسْتَغْفِرُ مِنْهُ بِلِسَانِهِ مِنْ غَيْرِ إقْلَاعٍ ثُمَّ يُعَاوِدُهُ فَإِنَّ هَذِهِ تَوْبَةُ الْكَذَّابِينَ. انْتَهَى. وَلَا يَخْفَى مَا فِي مَفْهُومِ كَلَامِهِ مِنْ أَنَّهُ إذَا تَابَ مِنْ ذَنْبٍ وَأَقْلَعَ عَنْهُ وَعَزَمَ أَنْ لَا يَعُودَ إلَيْهِ أَبَدًا ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ مِنْ عَدَمِ الْقَبُولِ، وَالصَّوَابُ خِلَافُهُ، بَلْ حُكْمُهُ فِي الْقَبُولِ وَالْغُفْرَانِ كَمَا لَوْ عَاوَدَ ذَنْبًا آخَرَ غَيْرَ الَّذِي تَابَ مِنْهُ حَيْثُ كَانَ قَدْ تَابَ وَأَقْلَعَ وَعَزَمَ أَنْ لَا يَعُودَ، وَهَذَا ظَاهِرٌ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ وَاللَّفْظُ لَهُ مِنْ طَرِيقَيْنِ قَالَ فِي إحْدَاهُمَا عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.

عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>