لِأَنَّ (النِّسَاءَ وَدَائِعُ) اللَّهِ عِنْدَنَا (عَوَانٌ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْوَاوِ أَيْ أَسِيرَاتٌ (لَدَيْنَا) أَيْ عِنْدَنَا مَعْشَرَ الرِّجَالِ (احْفَظْ) أَيُّهَا الْأَخُ (وَصِيَّةَ) أَخٍ نَاصِحٍ شَفِيقٍ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِالْمُرْشِدِ هُنَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (مُرْشِدِ) لِفِعْلِ الصَّوَابِ، حَرِيصٍ عَلَى مُتَابَعَةِ السُّنَّةِ وَالْكِتَابِ، وَلَا تُهْمِلْ الْعَمَلَ بِهَذِهِ الْوَصَايَا فَتَنْدَمَ إذَا انْكَشَفَ الْغِطَاءُ وَظَهَرَ الْمَكْتُومُ.
فَقَدْ رَوَى ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ الْجُشَمِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ سَمِعَ الرَّسُولَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ يَقُولُ بَعْدَ أَنْ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَذَكَّرَ وَوَعَظَ ثُمَّ قَالَ: «أَلَا وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئًا غَيْرَ ذَلِكَ، إلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ، فَإِنْ فَعَلْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا أَلَا إنَّ لَكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ حَقًّا، وَلِنِسَائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقًّا، فَحَقُّكُمْ عَلَيْهِنَّ أَلَّا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ، وَلَا يَأْذَنَّ فِي بُيُوتِكُمْ لِمَنْ تَكْرَهُونَ أَلَا وَحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحْسِنُوا إلَيْهِنَّ فِي كِسْوَتِهِنَّ وَطَعَامِهِنَّ» .
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَابْن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ» .
وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ مِنْ أَكْمَلِ الْمُؤْمِنِينَ إيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَأَلْطَفُهُمْ بِأَهْلِهِ» . وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ عَنْهَا بِلَفْظِ «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي» . وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَاجَهْ وَاللَّفْظُ لَهُ. وَلَفْظُ الْحَاكِمِ «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِلنِّسَاءِ» وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ.
وَكَانَ غَيُورًا مِنْ غَيْرِ إفْرَاطٍ؛ وَلِذَا قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
مَطْلَبٌ: فِي الْغَيْرَةِ عَلَى النِّسَاءِ وَبَيَانِ أَنْوَاعِهَا
وَلَا تُكْثِرْ الْإِنْكَارَ تُرْمَ بِتُهْمَةٍ ... وَلَا تَرْفَعَنَّ السَّوْطَ عَنْ كُلِّ مُعْتَدِ
(وَلَا تُكْثِرْ الْإِنْكَارَ) عَلَيْهَا فَإِنَّك تُقَوِّي الْعَيْنَ عَلَيْهَا فَإِنْ فَعَلْت (تُرْمَ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute