مِنْهَا فَاسْتَقَى، فَنَاوَلَهُ الدَّلْوَ فَشَرِبَ، وَهُوَ قَائِمٌ. وَهَذَا كَانَ مَوْضِعَ الْحَاجَةِ.
قَالَ وَلِلشُّرْبِ قَائِمًا آفَاتٌ عَدِيدَةٌ مِنْهَا لَا يَحْصُلُ الرِّيُّ التَّامُّ بِهِ وَلَا يَسْتَقِرُّ فِي الْمَعِدَةِ حَتَّى يَقْسِمَهُ الْكَبِدُ عَلَى الْأَعْضَاءِ وَيُنْزِلُهُ بِسُرْعَةٍ وَحِدَّةٍ إلَى الْمَعِدَةِ.
فَيُخْشَى مِنْهُ أَنْ يُبْرِدَ حَرَارَتَهَا وَيُسْرِعَ النُّفُوذُ إلَى أَسْفَلِ الْبَدَنِ بِغَيْرِ تَدْرِيجٍ.
وَكُلُّ هَذَا يَضُرُّ بِالشَّارِبِ، فَأَمَّا إذَا فَعَلَهُ نَادِرًا أَوْ لِحَاجَةٍ فَلَا. وَلَا يُعْتَرَضُ عَلَى هَذَا بِالْعَوَائِدِ، فَإِنَّ الْعَوَائِدَ لَهَا طَبَائِعُ ثَوَانٍ وَلَهَا أَحْكَامٌ أُخْرَى، وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْخَارِجِ عَنْ الْقِيَاسِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (فَوَائِدُ: الْأُولَى) ذَكَرَ بَعْضُ الْأَطِبَّاءِ أَنَّهُ لَا يُسَوَّغُ شُرْبُ الْمَاءِ طِبًّا فِي عَشَرَةِ أَشْيَاءَ: بَعْدَ الطَّعَامِ، وَالْحَمَّامِ، وَالْحَلْوَى، وَالْجِمَاعِ، وَالتَّعَبِ، وَشُرْبِ دَوَاءٍ مُسْهِلٍ، وَأَكْلِ فَاكِهَةٍ، وَإِذَا اسْتَيْقَظَ مِنْ النَّوْمِ، وَبَعْدَ أَكْلٍ سُخْنٍ، وَالشُّرْبُ وَهُوَ جَائِعٌ.
وَأَمَّا الْإِمَامُ ابْنُ الْقَيِّمِ فَقَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يَجْتَنِبَ شُرْبَ الْمَاءِ عَلَى الرِّيقِ، وَبَعْدَ الْحَمَّامِ، وَعَقِبَ الْجِمَاعِ، وَبَعْدَ الْفَاكِهَةِ، وَعِنْدَ الِانْتِبَاهِ مِنْ النَّوْمِ. وَأَمَّا عَلَى الطَّعَامِ فَلَا بَأْسَ إذَا اُضْطُرَّ إلَيْهِ. وَلَا يُكْثِرُ مِنْهُ، بَلْ يَمُصُّ مَصًّا، فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّهُ أَلْبَتَّةَ. .
مَطْلَبٌ: إذَا شَرِبَ يُنَاوِلُ مَنْ عَنْ يَمِينِهِ
(الثَّانِيَةُ) : يَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ إذَا شَرِبَ أَنْ يُنَاوِلَ مَنْ عَنْ يَمِينِهِ. وَهَذَا فِي جَمِيعِ الْمَشْرُوبَاتِ عَنْ اللَّبَنِ، وَالْحَلْوَى، وَالْمَاءِ وَنَحْوِهَا. قَالَ عُلَمَاؤُنَا كَمَا فِي الْإِقْنَاعِ، وَالْغَايَةِ وَغَيْرِهِمَا: وَكَذَا غَسْلُ يَدِهِ وَرَشُّ الْمَاوَرْدِ وَنَحْوِهِ انْتَهَى. كَالْبَخُورِ وَالصَّابُونِ.
وَيَبْدَأُ فِي ذَلِكَ بِالْأَفْضَلِ، ثُمَّ بِمَنْ عَلَى الْيَمِينِ لِمَا فِي الْبُخَارِيِّ عَنْ أُمِّ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أَنَّهَا حُلِبَتْ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَاةٌ دَاجِنٌ، وَهُوَ فِي دَارِ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، ثُمَّ شِيبَ لَبَنُهَا بِمَاءٍ مِنْ الْبِئْرِ الَّتِي فِي دَارِ أَنَسٍ فَأَعْطَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيَشْرَبَ مِنْهُ، وَعَلَى يَسَارِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَعَلَى يَمِينِهِ أَعْرَابِيٌّ. فَجَاءَ عُمَرُ وَخَافَ أَنْ يُعْطِيَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأَعْرَابِيَّ. فَقَالَ أَعْطِ أَبَا بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute