مَقْصُورَاتٌ؛ وَكَأَنَّ مَنْ فَسَّرَ قَوْله تَعَالَى: {مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} [الرحمن: ٧٢] فَرَّ مِنْ أَنْ يَكُنَّ مَحْبُوسَاتٍ فِي الْخِيَامِ لَا تُفَارِقُهَا إلَى الْغُرَفِ وَالْبَسَاتِينِ. وَأَهْلُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يُجِيبُونَ عَنْ هَذَا بِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَصَفَهُنَّ بِصِفَاتِ النِّسَاءِ الْمُخَدَّرَاتِ الْمَصُونَاتِ وَذَلِكَ أَكْمَلُ فِي الْوَصْفِ. وَلَا يَلْزَمُ أَنَّهُنَّ لَا يُفَارِقْنَ الْخِيَامَ إلَى الْغُرَفِ وَالْبَسَاتِينِ.
كَمَا أَنَّ نِسَاءَ الْمُلُوكِ وَمَنْ دُونَهُمْ مِنْ الْمُخَدَّرَاتِ الْمَصُونَاتِ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَخْرُجْنَ فِي سَفَرٍ وَغَيْرِهِ إلَى مُنْتَزَهٍ وَبُسْتَانٍ وَنَحْوِهِ؛ فَوَصْفُهُنَّ اللَّازِمُ لَهُنَّ الْقَصْرُ فِي الْبَيْتِ؛ وَقَدْ يَعْرِضُ لَهُنَّ مَعَ الْخَدَمِ الْخُرُوجُ إلَى الْبَسَاتِينِ وَنَحْوِهَا. وَأَمَّا قَوْلُ مُجَاهِدٍ مَقْصُورَاتٌ قُلُوبُهُنَّ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ فِي خِيَامِ اللُّؤْلُؤِ فَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ.
مَطْلَبٌ: فِي بَيَانِ الْأُمُورِ الْمُسْتَحْسَنَاتِ فِي الْمَرْأَةِ مِنْ أَنْوَاعِ الْجَمَالِ.
قَالَ فِي حَادِي الْأَرْوَاحِ: يُسْتَحَبُّ السَّعَةُ مِنْ الْمَرْأَةِ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ: وَجْهُهَا وَصَدْرُهَا وَكَاهِلُهَا - وَهُوَ مَا بَيْنَ كَتِفَيْهَا - وَجَبْهَتُهَا. وَيُسْتَحَبُّ مِنْهَا الْبَيَاضُ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ: لَوْنُهَا وَفَرْقُهَا وَثَغْرُهَا وَبَيَاضُ عَيْنِهَا، وَالسَّوَادُ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ: عَيْنُهَا وَحَاجِبُهَا وَهُدْبُهَا وَشَعْرُهَا. وَيُسْتَحَبُّ الطُّولُ مِنْهَا فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ قَوَامُهَا وَعُنُقُهَا وَشَعْرُهَا وَبَنَانُهَا. وَيُسْتَحَبُّ الْقِصَرُ مِنْهَا فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ وَهِيَ مَعْنَوِيَّةٌ: لِسَانُهَا وَيَدُهَا وَرِجْلُهَا وَعَيْنُهَا، فَتَكُونُ قَاصِرَةَ الطَّرْفِ، قَصِيرَةَ الرِّجْلِ عَنْ الْخُرُوجِ، قَصِيرَةَ اللِّسَانِ عَنْ كَثْرَةِ الْكَلَامِ، قَصِيرَةَ الْيَدِ عَنْ تَنَاوُلِ مَا يَكْرَهُ الزَّوْجُ وَعَنْ بَذْلِهِ. وَيُسْتَحَبُّ الرِّقَّةُ مِنْهَا فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ: خَصْرُهَا وَفَرْقُهَا وَحَاجِبَاهَا وَأَنْفُهَا.
وَقَالَ فِي رَوْضَةِ الْمُحِبِّينَ: وَمِمَّا يُسْتَحْسَنُ فِي الْمَرْأَةِ طُولُ أَرْبَعَةٍ: وَهِيَ أَطْرَافُهَا وَقَامَتُهَا وَشَعْرُهَا وَعُنُقُهَا، وَلَمْ يَذْكُرْ الْبَنَانَ.
وَقَالَ وَقِصَرُ أَرْبَعَةٍ: يَدُهَا وَرِجْلُهَا وَلِسَانُهَا وَعَيْنُهَا، فَلَا تَبْذُلُ مَا فِي بَيْتِ زَوْجِهَا، وَلَا تَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهَا، وَلَا تَسْتَطِيلُ بِلِسَانِهَا، وَلَا تَطْمَحُ بِعَيْنِهَا. قَالَ وَحُمْرَةُ أَرْبَعَةٍ: لِسَانُهَا وَخَدُّهَا وَشَفَتُهَا مَعَ لَعَسٍ وَإِشْرَابُ بَيَاضِهَا بِحُمْرَةٍ. وَقَالَ فِي الرِّقَّةِ: أَنْفُهَا وَبَنَانُهَا وَخَصْرُهَا وَحَاجِبُهَا، وَلَمْ يَذْكُرْ الْفَرْقَ هُنَا. قَالَ وَغِلَظُ أَرْبَعَةٍ: سَاقُهَا وَمِعْصَمُهَا وَعَجِيزَتُهَا وَذَاكَ مِنْهَا. وَقَالَ فِي الْوَسَاعِ مِنْهَا: جَبِينُهَا وَوَجْهُهَا وَعَيْنُهَا وَصَدْرُهَا، وَلَمْ يَذْكُرْ الْكَاهِلَ. قَالَ وَضِيقُ أَرْبَعَةٍ: فَمُهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute