للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْت: لَيْسَ فِي كَلَامِ صَاحِبِ الْمُبْدِعِ إلَّا مُجَرَّدُ احْتِمَالٍ كَمَا فِي كَلَامِ جَدِّهِ فَقَطْ، فَلَا وَجْهَ لِرَدِّ اعْتِرَاضِ الْحَجَّاوِيّ بِمُجَرَّدِ احْتِمَالِ عِبَارَةٍ، وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ وَالسَّلَفِ وَالشَّارِعِ عَلَى خِلَافِهَا.

مَطْلَبٌ: فِي اسْتِحْبَابِ افْتِتَاحِ التَّهَجُّدِ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ.

وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُفْتَتَحَ التَّهَجُّدُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ اللَّيْلِ فَلْيَفْتَتِحْ صَلَاتَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ» رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد.

وَفِي الْمُسْنَدِ وَمُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ افْتَتَحَ صَلَاتَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ» وَحِكْمَةُ تَخْفِيفِهِمَا الْمُبَادَرَةُ لِفَكِّ عُقَدِ الشَّيْطَانِ.

وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ لَهُ تَطَوُّعَاتٌ يُدَاوِمُ عَلَيْهَا، وَإِذَا فَاتَتْ يَقْضِيهَا، قَالَ فِي شَرْحِ أَوْرَادِ أَبِي دَاوُد: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ لِلْإِنْسَانِ رَكَعَاتٌ مَعْلُومَاتٌ يَقْرَأُ فِيهَا حِزْبَهُ مِنْ الْقُرْآنِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَفْعَلُهُ. قَالَ وَالْأَحْسَنُ أَنْ لَا يَتَجَاوَزَ بِعَدَدِ التَّهَجُّدِ تَهَجُّدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي بِاللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ يُصَلِّي إذَا سَمِعَ النِّدَاءَ بِالصُّبْحِ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَتْ أَيْضًا «وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي مَا بَيْنَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ إلَى الْفَجْرِ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَفِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ أَنَّ قِيَامَهُ كَانَ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً غَيْرَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ.

قَالَ الْإِمَامُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي الْهَدْيِ: فَقَدْ حَصَلَ الِاتِّفَاقُ عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً.

وَأَمَّا تَطْوِيلُ الرَّكَعَاتِ وَتَقْصِيرُهَا فَبِحَسَبِ النَّشَاطِ.

قَالَ أَبُو دَاوُد: سَمِعْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: يُعْجِبُنِي أَنْ يَكُونَ لِلرَّجُلِ رَكَعَاتٌ مِنْ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَعْلُومَةً فَإِذَا نَشِطَ طَوَّلَهَا وَإِذَا لَمْ يَنْشَطْ خَفَّفَهَا. ذَكَرَهُ الْإِمَامُ الْمُوَفَّقُ. وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>