مَطْلَبٌ: رِحْلَةُ الْإِمَامِ إلَى مَا وَرَاءَ النَّهْرِ.
(الثَّالِثَةُ) : ذَكَرَ فِي حَيَاةِ الْحَيَوَانِ عَنْ سَيِّدِنَا الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْ وَرَاءِ النَّهْرِ مَعَهُ أَحَادِيثُ ثُلَاثِيَّةٌ فَرَحَلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَيْهِ فَوَجَدَ شَيْخًا يُطْعِمُ كَلْبًا فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَرَدَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، ثُمَّ اشْتَغَلَ الشَّيْخُ بِإِطْعَامِ الْكَلْبِ، فَوَجَدَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي نَفْسِهِ إذْ أَقْبَلَ الشَّيْخُ عَلَى الْكَلْبِ وَلَمْ يُقْبِلْ عَلَيْهِ، فَلَمَّا فَرَغَ الشَّيْخُ مِنْ طُعْمَةِ الْكَلْبِ الْتَفَتَ إلَى الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَقَالَ لَهُ كَأَنَّك وَجَدْت فِي نَفْسِك إذْ أَقْبَلْت عَلَى الْكَلْبِ وَلَمْ أُقْبِلْ عَلَيْك؟ قَالَ نَعَمْ. قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ قَطَعَ رَجَاءَ مَنْ ارْتَجَاهُ قَطَعَ اللَّهُ مِنْهُ رَجَاءَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلَمْ يَلِجْ الْجَنَّةَ» ، وَأَرْضُنَا هَذِهِ لَيْسَتْ بِأَرْضِ كِلَابٍ، وَقَدْ قَصَدَنِي هَذَا الْكَلْبُ فَخِفْت أَنْ أَقْطَعَ رَجَاءَهُ فَقَالَ الْإِمَامُ هَذَا الْحَدِيثُ يَكْفِينِي، ثُمَّ رَجَعَ. .
مَطْلَبٌ: فِي أَوْصَافِ الْفَهْدِ وَتَشْبِيهِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا بِهِ فِي حَدِيثِ أُمِّ زَرْعٍ.
(وَ) (كَفَهْدِ) وَاحِدُ الْفُهُودِ وَفَهِدَ الرَّجُلُ أَشْبَهَ الْفَهْدَ فِي كَثْرَةِ نَوْمِهِ وَتَمَدُّدِهِ. وَفِي حَدِيثِ أُمِّ زَرْعٍ قَالَتْ الْخَامِسَةُ زَوْجِي إنْ دَخَلَ فَهْدٌ، وَإِنْ خَرَجَ أَسَدٌ وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَأْكُلُ مَا وَجَدَ وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ وَلَا يَرْفَعُ الْيَوْمَ لِغَدٍ. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي شَرْحِ حَدِيثِ أُمِّ زَرْعٍ: قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: أَيْ نَامَ وَغَفَلَ كَالْفَهْدِ لِكَثْرَةِ نَوْمِهِ يُقَالُ أَنْوَمُ مِنْ فَهْدٍ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ تَصِفُهُ بِكَثْرَةِ النَّوْمِ، وَالْغَفْلَةِ عَلَى وَجْهِ الْمَدْحِ لَهُ. وَقَوْلُهَا، وَإِنْ خَرَجَ أَسَدٌ تَمْدَحُهُ بِالشَّجَاعَةِ أَيْ صَارَ كَالْأَسَدِ يُقَالُ أَسِدَ الرَّجُلُ وَاسْتَأْسَدَ إذَا صَارَ كَذَلِكَ. وَقَوْلُهَا عَمَّا عَهِدَ أَيْ رَأَى فِي الْبَيْتِ وَعَرَفَ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: لَا يَتَفَقَّدُ مَا ذَهَبَ مِنْ مَالِهِ وَلَا يَلْتَفِتُ إلَى مَعَايِبِ الْبَيْتِ وَمَا فِيهِ فَكَأَنَّهُ سَاءَ عَنْ ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَصَفَتْهُ بِأَنَّهُ فِي اللِّينِ وَالدَّعَةِ، وَالْغَفْلَةِ عِنْدَهَا كَالْفَهْدِ، وَإِذَا خَرَجَ كَانَ كَالْأَسَدِ فِي شَجَاعَتِهِ، وَلَمْ تُرِدْ النَّوْمَ كَمَا قَالَ شَارِح الْعِرَاقِيِّينَ. قَالَ: وَقَدْ وَرَدَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلُ هَذَا فِي وَصْفِ عَلِيٍّ وَذَمِّ مَنْ كَانَ بِخِلَافِهِ فَرُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ الذَّوَّاقَ الْمِطْلَاقَ الَّذِي أَرَاهُ لَا يَأْكُلُ مَا وَجَدَ وَيَسْأَلُ عَمَّا فَقَدَ، وَهُوَ عِنْدَ أَهْلِهِ كَالْأَسَدِ، وَكَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute