للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ بَعْضُهُمْ)

وَلَيْلٍ بِتُّهُ رَهْنَ اكْتِئَابٍ ... أُقَاسِي فِيهِ أَنْوَاعَ الْعَذَابِ

إذَا شَرِبَ الْبَعُوضُ دَمِي وَغَنَّى ... فَلِلْبُرْغُوثِ رَقْصٌ فِي ثِيَابِي

(وَقَالَ بَعْضُ الْأَعْرَابِ، وَقَدْ سَكَنَ مِصْرًا يَصِفُ بَرَاغِيثَهَا)

تَطَاوَلَ بِالْفُسْطَاطِ لَيْلِي وَلَمْ أَكَدْ ... بِأَرْضِ الْغَضَى لَيْلِي عَلَيَّ يَطُولُ

أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً ... وَلَيْسَ لِبُرْغُوثٍ عَلَيَّ سَبِيلُ

وَالْبَرَاغِيثُ عِنْدَنَا كَالْقُمَّلِ وَدَمُهُمَا وَجِلْدُهُمَا وَكُلُّ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ مِنْ بَقٍّ وَبَعُوضٍ وَعَقْرَبٍ وَنَحْوِهَا طَاهِرٌ فِي الْحَيَاةِ وَبَعْدَ الْمَوْتِ.

نَعَمْ يَحْرُمُ أَكْلُ شَيْءٍ مِنْهَا لِاسْتِقْذَارِهَا. وَيُسْتَحَبُّ قَتْلُهَا لِلْحَلَالِ، وَالْمُحْرِمِ إلَّا الْقُمَّلَ، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ قَتْلُهُ، وَكَذَا صِئْبَانُهُ مِنْ رَأْسِهِ وَبَدَنِهِ، وَلَوْ بِنَحْوِ زِئْبَقٍ، وَكَذَا رَمْيُهُ؛ لِأَنَّهُ تَرَفُّهٌ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَرَاغِيثِ أَنَّهُ يَتَوَلَّدُ مِنْ الْبَدَنِ بِخِلَافِ الْبَرَاغِيثِ، فَإِنَّهَا تَتَوَلَّدُ مِنْ التُّرَابِ كَمَا مَرَّ وَلَا شَيْءَ فِي قَتْلِ الْقُمَّلِ وَصِئْبَانِهِ وَرَمْيِهِمَا.

قَالَ فِي حَيَاةِ الْحَيَوَانِ: وَالْقُمَّلُ يَتَوَلَّدُ مِنْ الْعَرَقِ، وَالْوَسَخِ. قَالَ الْجَاحِظُ: وَرُبَّمَا كَانَ الْإِنْسَانُ قُمَّلَ الطِّبَاعِ، وَإِنْ تَنَظَّفَ وَتَعَطَّرَ وَبَدَّلَ الثِّيَابَ كَمَا عَرَضَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - حِينَ «اسْتَأْذَنَّا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ فَأَذِنَ لَهُمَا فِيهِ» ، وَلَوْلَا الضَّرُورَةُ لَمَا أَذِنَ لَهُمَا فِي ذَلِكَ لِمَا جَاءَ فِي لُبْسِ ذَلِكَ مِنْ التَّشْدِيدِ.

فَائِدَةٌ لِطَرْدِ الْبَرَاغِيثِ

(فَائِدَتَانِ) :

(الْأُولَى) رَوَى الْمُسْتَغْفِرِيُّ فِي الدَّعَوَاتِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا آذَاك الْبُرْغُوثُ فَخُذْ قَدَحًا مِنْ مَاءٍ وَاقْرَأْ عَلَيْهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ {وَمَا لَنَا أَلا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ} [إبراهيم: ١٢] الْآيَةَ. فَإِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَكُفُّوا شَرَّكُمْ وَآذَاكُمْ عَنَّا، ثُمَّ تَرُشُّهُ حَوْلَ فِرَاشِك، فَإِنَّك تَبِيت آمِنًا مِنْ شَرِّهَا» .

وَرَوَى الدَّيْلَمِيُّ فِي مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ مِثْلَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَرْفُوعًا.

وَرَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي التَّوَكُّلِ أَنَّ عَامِلَ أَفْرِيقِيَّةَ كَتَبَ إلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَشْكُو إلَيْهِ الْهَوَامَّ، وَالْعَقَارِبَ فَكَتَبَ إلَيْهِ وَمَا عَلَى أَحَدِكُمْ إذَا أَمْسَى وَأَصْبَحَ أَنْ يَقُولَ {وَمَا لَنَا أَلا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ} [إبراهيم: ١٢] الْآيَةَ قَالَ زُرْعَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَحَدُ رُوَاتِهِ وَيَنْفَعُ مِنْ " الْبَرَاغِيثِ، وَقَالَ حُنَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحِيلَةُ فِي طَرْدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>