وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إذَا اشْتَكَى شَيْئًا تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» . وَفِيهِمَا عَنْ أَبِي مُوسَى - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ» .
وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى حُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ وَحَقِّ الضَّيْفِ.
وَأَمَّا حَقُّ الصُّحْبَةِ فَقَالَ مُجَاهِدٌ: صَحِبْت ابْنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْهُمَا، وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَخْدُمَهُ فَكَانَ يَخْدُمُنِي أَكْثَرَ.
وَأَمَّا الصَّدَاقَةُ فَإِنَّهَا تُطْلَقُ عَلَى مَا دُونَ الْأُخُوَّةِ، وَالْأُخُوَّةُ هِيَ الْمَرْتَبَةُ الْعُلْيَا، وَإِنَّمَا تَقَعُ الْأُخُوَّةُ الصَّادِقَةُ إذَا حَصَلَ التَّشَاكُلُ بَيْنَ الْأَخَوَيْنِ فِي أَصْلِ الْوَضْعِ.
مَطْلَبٌ: فِي الْمَحَبَّةِ فِي اللَّهِ وَمَا وَرَدَ فِي ثَوَابِهَا.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ» وَهَذِهِ الْأُخُوَّةُ الْخَاصَّةُ هِيَ الَّتِي عَقَدَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أَصْحَابِهِ.
وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْأُخُوَّةَ الْعَامَّةَ فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: ١٠] فَهِيَ وَاقِعَةٌ بَيْنَهُمْ قَبْلَ عَقْدِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ زَادَ الْأَمْرَ الْخَاصَّ، وَهَذِهِ الْأُخُوَّةُ هِيَ الَّتِي تُوجِبُ الْمَحَبَّةَ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهِيَ أَوْثَقُ عُرَى الْإِيمَانِ أَنْ يُحِبَّ فِي اللَّهِ وَيَبْغُضَ فِي اللَّهِ. وَتَقَدَّمَ أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ السَّبْعَةِ الَّذِينَ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ: رَجُلَيْنِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ.
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِي الْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلِّي» .
وَعَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ قَالَ: «أَتَيْت مَسْجِدَ أَهْلِ دِمَشْقَ وَإِذَا حَلْقَةٌ فِيهَا كُهُولٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِذَا شَابٌّ فِيهِمْ أَكْحَلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute