بِنَحْوِهِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لِيَأْكُلْ أَحَدُكُمْ بِيَمِينِهِ وَلْيَشْرَبْ بِيَمِينِهِ وَلْيُعْطِ بِيَمِينِهِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ وَيُعْطِي بِشِمَالِهِ وَيَأْخُذُ بِشِمَالِهِ» .
وَأَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ أَكَلَ بِشِمَالِهِ أَكَلَ مَعَهُ الشَّيْطَانُ، وَمَنْ شَرِبَ بِشِمَالِهِ شَرِبَ مَعَهُ الشَّيْطَانُ» .
قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَابْنُ حَزْمٍ أَنَّ الْأَكْلَ بِالشِّمَالِ مُحَرَّمٌ لِظَاهِرِ الْأَخْبَارِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى مِنْ أَصْحَابِنَا: وَإِذَا أَكَلْت، أَوْ شَرِبْت فَوَاجِبٌ عَلَيْك أَنْ تَقُولَ: بِسْمِ اللَّهِ وَتَنَاوَلَ بِيَمِينِك. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: كَلَامُ ابْنِ أَبِي مُوسَى فِيهِ وُجُوبُ التَّسْمِيَةِ وَالتَّنَاوُلِ بِالْيَمِينِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: يَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْيُسْرَى وَمَسُّ الْفَرْجِ بِهَا دُونَ الْيُمْنَى؛ لِأَنَّ النَّهْيَ فِي كِلَيْهِمَا وَارِدٌ، انْتَهَى.
وَفِي الْإِقْنَاعِ كَغَيْرِهِ: وَتُسَنُّ التَّسْمِيَةُ عَلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، إلَى أَنْ قَالَ: وَأَنْ يَأْكُلَ بِيَمِينِهِ وَمِمَّا يَلِيه وَيُكْرَهُ تَرْكُهُمَا، وَالْأَكْلُ وَالشُّرْبُ بِشِمَالِهِ إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ، وَمُرَادُهُ كَغَيْرِهِ بِالضَّرُورَةِ الْحَاجَةُ إذْ الْكَرَاهَةُ تَزُولُ بِالْحَاجَةِ.
وَفِي الْإِقْنَاعِ كَالْآدَابِ الْكُبْرَى، وَإِنْ جَعَلَ بِيَمِينِهِ خُبْزًا وَبِشِمَالِهِ شَيْئًا يَأْتَدِمُ بِهِ، وَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْ هَذَا كُرِهَ. وَعِبَارَةُ الْآدَابِ: وَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْ هَذَا وَمِنْ هَذَا كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ النَّاسِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْخَبَرِ؛ لِأَنَّهُ أَكَلَ بِشِمَالِهِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ الشَّرَهِ وَغَيْرِهِ لَا سِيَّمَا إذَا كَرِهَ أَنْ لَا يَتَنَاوَلَ لُقْمَةً حَتَّى يَبْلَعَ مَا قَبْلَهَا. وَذَكَرَ الْإِمَامُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَكَذَا الْقَاضِي وَالشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ قَدَّسَ اللَّهُ سِرَّهُ أَنَّ تَنَاوُلَ الشَّيْءِ مِنْ يَدِ غَيْرِهِ بِالْيُمْنَى مُسْتَحَبٌّ قَالُوا: وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُنَاوِلَ إنْسَانًا تَوْقِيعًا، أَوْ كِتَابًا فَلْيَقْصِدْ بِيَمِينِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَم.
مَطْلَبٌ: فِي كَرَاهَةِ الْأَكْلِ مُتَّكِئًا، وَأَنَّهُ احْتِقَارٌ لِلنِّعْمَةِ.
(وَ) يُكْرَهُ أَكْلُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ حَالَ كَوْنِهِ (مُتَّكِئًا) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَمَّا أَنَا فَلَا آكُلُ مُتَّكِئًا» قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: الْمُتَّكِئُ هُوَ الْمَائِلُ يَعْنِي فِي جِلْسَتِهِ عَلَى جَنْبِهِ وَفَسَّرَهُ بَعْضُ عُلَمَائِنَا بِمُطْمَئِنٍّ. قَالَ الْعَلَامَةُ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute