قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وُلُّوا» وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
" تَتِمَّةٌ " كَانَ النَّاسُ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ لَهُمْ شَأْنٌ غَيْرُ شَأْنِ أَهْلِ هَذَا الزَّمَانِ، فَقَدْ كَانَ لِدَاوُدَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِائَةُ امْرَأَةٍ، وَلِوَلَدِهِ سُلَيْمَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَلْفُ امْرَأَةٍ، وَكَانَ لِنَبِيِّنَا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِدَّةٌ مِنْ النِّسَاءِ، وَمَاتَ عَنْ تِسْعَةٍ وَسُرِّيَّتَيْنِ، وَكَانَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بَعْدَ وَفَاةِ سَيِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ، وَبَضْعَةِ خَاتَمِ الْمُرْسَلِينَ أَرْبَعُ حَرَائِرَ وَسَبْعَ عَشْرَةَ سُرِّيَّةً، وَتَزَوَّجَ ابْنُهُ الْحَسَنُ بِنَحْوٍ مِنْ أَرْبَعِمِائَةِ امْرَأَةٍ، فَكَانُوا قَدْ أُيِّدُوا بِالْقُوَّةِ وَهُنَّ بِالصَّبْرِ بِخِلَافِ عَصْرِنَا لِكُلِّ زَمَانٍ دَوْلَةٌ وَرِجَالٌ.
مَطْلَبٌ: النِّكَاحُ مَأْمُورٌ بِهِ شَرْعًا مُسْتَحْسَنٌ وَضْعًا وَطَبْعًا وَيَعْتَرِيهِ أَحْكَامٌ أَرْبَعَةٌ.
(تَنْبِيهَاتٌ) :
(الْأَوَّلُ) : النِّكَاحُ مَأْمُورٌ بِهِ شَرْعًا، مُسْتَحْسَنٌ وَضْعًا وَطَبْعًا، فَإِنَّ بِهِ بَقَاءَ النَّسْلِ، وَعَمَارَ الدُّنْيَا، وَعِبَادَةَ اللَّهِ، وَالْقِيَامَ بِالْأَحْكَامِ، وَذِكْرَ اللَّهِ مِنْ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَالتَّوْحِيدِ وَالصِّيَامِ. وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ جَلَّ شَأْنُهُ بِهِ فِي كِتَابِهِ الْقَدِيمِ، وَحَضَّ عَلَيْهِ رَسُولُهُ الْكَرِيمُ. قَالَ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ الْعَظِيمِ: {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [النور: ٣٢] .
ثُمَّ إنَّهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ يَعْتَرِيهِ مِنْ الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ أَرْبَعَةٌ، فَيُسَنُّ لِذِي شَهْوَةٍ وَلَا يَخَافُ الزِّنَا وَلَوْ فَقِيرًا، وَاشْتِغَالُهُ بِهِ أَفْضَلُ مِنْ التَّخَلِّي لِنَوَافِلِ الْعِبَادَةِ، وَيُبَاحُ لِمَنْ لَا شَهْوَةَ لَهُ، وَيَجِبُ عَلَى مَنْ يَخَافُ الزِّنَا مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ عَلِمَا أَوْ ظَنَّا، وَيُقَدَّمُ حِينَئِذٍ عَلَى حَجٍّ وَاجِبٍ، نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَلَا يَكْتَفِي فِي الْوُجُوبِ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، بَلْ يَكُونُ فِي مَجْمُوعِ الْعُمْرِ، وَلَا يَكْتَفِي بِالْعَقْدِ فَقَطْ، بَلْ يَجِبُ الِاسْتِمْتَاعُ، وَيَجْزِي التَّسَرِّي عَنْهُ، وَيَجِبُ بِالنَّذْرِ، وَيَحْرُمُ بِدَارِ حَرْبٍ إلَّا لِضَرُورَةٍ، فَإِنْ كَانَتْ لَمْ يَحْرُمْ. وَيَعْزِلُ وُجُوبًا إنْ حُرِّمَ وَإِلَّا اسْتِحْبَابًا. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ تَكُونَ آيِسَةً أَوْ صَغِيرَةً فَلَا حُرْمَةَ. وَقِيلَ إنَّ النِّكَاحَ لِغَيْرِ ذِي شَهْوَةٍ مَكْرُوهٌ لِمَنْعِ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute