الْخَبَائِثِ» فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إنْ كَانَ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذَا فَهُوَ كَمَا قَالَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(كَذَا) أَيْ كَمَا يَحْسُنُ قَتْلُ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي الْحِلِّ، وَالْحَرَمِ يَحْسُنُ قَتْلُ (حَشَرَاتٍ) وَاحِدَتُهَا حَشَرَةٌ قَدَّمَ فِي الْمُطْلِعِ أَنَّهَا صِغَارُ دَوَابِّ (الْأَرْضِ) كَالضَّبِّ، وَالْيَرْبُوعِ وَلَيْسَ مُرَادًا هُنَا وَقِيلَ هَوَامُّ الْأَرْضِ مِمَّا لَا اسْمَ لَهُ؛ وَلِذَا قَالَ (دُونَ تَقَيُّدِ) بِاسْمِ نَوْعٍ خَاصٍّ، وَفِي حَيَاةِ الْحَيَوَانِ: الْحَشَرَاتُ صِغَارُ دَوَابِّ الْأَرْضِ وَصِغَارُ هَوَامِّهَا الْوَاحِدَةُ حَشَرَةٌ بِالتَّحْرِيكِ، وَمُرَادُ النَّاظِمِ هُنَا بِهَا هَوَامُّ الْأَرْضِ، وَمِنْ ثَمَّ ذَكَرَ طَرَفًا مِنْهَا غَيْرَ مُسْتَوْفٍ لِجَمِيعِهَا؛ فَلِذَا أَدْخَلَ عَلَيْهَا كَافَ التَّشْبِيهِ فَقَالَ:
كَبَقٍّ وَبُرْغُوثٍ وَفَارٍ وَعَقْرَبٍ ... وَدَبْرٍ وَحَيَّاتٍ وَشِبْهِ الْمُعَدَّدِ
(كَبَقٍّ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْبَقَّةُ الْبَعُوضَةُ، وَالْجَمْعُ الْبَقُّ، وَقَالَ فِي الْقَامُوسِ الْبَقَّةُ الْبَعُوضَةُ وَدُوَيْبَّةٌ مُفَرْطَحَةٌ حَمْرَاءُ مُنْتِنَةٌ يُقَالُ: إنَّهُ يَتَوَلَّدُ مِنْ النَّفَسِ الْحَارِّ وَلِشِدَّةِ رَغْبَتِهِ فِي الْإِنْسَانِ لَا يَتَمَالَكُ إذَا شَمَّ رَائِحَتَهُ إلَّا رَمَى نَفْسَهُ عَلَيْهِ، وَهُوَ بِمِصْرَ كَثِيرٌ وَمَا شَاكَلَهَا مِنْ الْبِلَادِ.
فَائِدَةٌ لِإِذْهَابِ الْبَقِّ
(فَائِدَةٌ) : قَالَ الْقَزْوِينِيُّ: إذَا بُخِّرَ الْبَيْتُ بِالْقَلْقَنْدُ وَالشُّونِيزِ لَمْ يَدْخُلْهُ بَقٌّ بِالْكُلِّيَّةِ وَإِذَا بُخِّرَ بِنُشَارَةِ الصَّنَوْبَرِ طَرَدَهُ عَنْهُ، وَقَالَ حُنَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ إذَا بُخِّرَ الْبَيْتُ بِحَبِّ الْمِحْلَبِ هَرَبَ مِنْهُ الْبَقُّ أَجْمَعُ، وَكَذَلِكَ إذَا بُخِّرَ بِالْعَلَقِ، أَوْ الْعَاجِ وَبِجِلْدِ الْجَامُوسِ وَبِأَغْصَانِ شَجَرِ السَّرْوِ.
وَفِي تَارِيخِ ابْنِ النَّجَّارِ فِي تَرْجَمَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَصْبَغَ بْنِ نَبَاتَةَ الْحَنْظَلِيِّ قَالَ: سَمِعْت عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ: " ابْنَ آدَمَ وَمَا ابْنُ آدَمَ؟ تُؤْلِمُهُ بَقَّةٌ، وَتُنْتِنُهُ عِرْقَةٌ. وَتَقْتُلُهُ شَرْقَةٌ ". قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَأَصْبَغُ بْنُ نَبَاتَةَ هَذَا يَرْوِي أَشْيَاءَ لَا يُتَابِعُهُ عَلَيْهَا أَحَدٌ فَاسْتَحَقَّ مِنْ أَجْلِهَا التَّرْكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَ) كَ (بُرْغُوثٍ) بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ وَاحِدُ الْبَرَاغِيثِ، وَضَمُّ بَائِهِ أَكْثَرُ مِنْ كَسْرِهَا يَتَوَلَّدُ أَوَّلًا مِنْ التُّرَابِ لَا سِيَّمَا فِي الْأَمَاكِنِ الْمُظْلِمَةِ، ثُمَّ يَسْفِدُ وَيُطِيلُ السِّفَادَ وَيَبِيضُ وَيُفْرِخُ، وَسُلْطَانُهُ فِي أَوَاخِرِ الشِّتَاءِ وَأَوَّلِ فَصْلِ الرَّبِيعِ وَيُقَالُ: إنَّهُ عَلَى صُورَةِ الْفِيلِ وَلَهُ أَنْيَابٌ يَعَضُّ بِهَا وَخُرْطُومُهُ يَمُصُّ بِهِ، وَقَالَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ فِي جُزْءٍ لَهُ لَطِيفٍ سَمَّاهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute