أَدَبًا، وَهِيَ أَنْ لَا يَأْكُلَ مُتَّكِئًا وَلَا مُنْبَطِحًا، وَلَا مِنْ وَسَطِ الصَّحْفَةِ، وَيَأْكُلَ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ، وَيَلْعَقَ أَصَابِعَهُ إذَا فَرَغَ، وَيَمْسَحَ الصَّحْفَةَ، وَيُصَغِّرَ اللُّقَمَ، وَيُجِيدَ الْمَضْغَ، وَيُطِيلَ الْبَلْعَ، وَلَا يَأْكُلَ إلَّا عِنْدَ حُضُورِ صَاحِبِ الطَّعَامِ، وَلَا يَأْكُلَ إلَّا مُطْمَئِنًّا وَيَأْكُلَ مَا يَنْثُرُ وَيَلْفِظَ مَا بَيْنَ أَسْنَانِهِ فَيُلْقِيَهُ، وَلَا يَنْفُخَ الطَّعَامَ، بَلْ يَدَعَهُ حَتَّى يَبْرُدَ وَلَا يَتَنَفَّسَ فِيهِ، وَيَجْلِسَ مُفْتَرِشًا.
وَإِنْ تَرَبَّعَ فَلَا بَأْسَ، وَيُوَسِّعَ لِجَلِيسِهِ. وَلَا يُلْقِمَ أَحَدًا مَعَهُ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِ الطَّعَامِ، وَيَغْسِلَ يَدَهُ إذَا أَكَلَ، وَيَأْكُلَ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «حَسْبُ ابْنِ آدَمَ لُقَيْمَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ غَلَبَتْ الْآدَمِيَّ نَفْسُهُ فَثُلُثٌ لِلطَّعَامِ، وَثُلُثٌ لِلشَّرَابِ وَثُلُثٌ لِلنَّفَسِ» ذَكَرَهُ السَّامِرِيُّ.، وَقَدْ تَقَدَّمَ كُلُّهُ أَوْ قَلِيلٌ مِنْهُ. وَتَقَدَّمَ أَنَّ التَّسْمِيَةَ وَالشُّكْرَ سُنَّةٌ لَا فَرِيضَةٌ. نَعَمْ شُكْرُ الْمُنْعِمِ وَاجِبٌ.
وَأَمَّا الْمَسْنُونُ فَالْحَمْدُ وَالثَّنَاءُ فِي أَوَاخِرِ الطَّعَامِ. وَاَللَّهُ وَلِيُّ الْإِنْعَامِ. .
مَطْلَبٌ: فِي إبَاحَةِ الْأَكْلِ مِنْ بَيْتِ الْقَرِيبِ وَالصَّدِيقِ مِنْ مَالٍ غَيْرِ مُحْرَزٍ
الرَّابِعُ: قَالَ الْحَجَّاوِيُّ فِي شَرْحِ هَذِهِ الْمَنْظُومَةِ: يُبَاحُ الْأَكْلُ مِنْ بَيْتِ الْقَرِيبِ وَالصَّدِيقِ مِنْ مَالٍ غَيْرِ مُحْرَزٍ إذَا عَلِمَ أَوْ ظَنَّ رِضَا صَاحِبِهِ بِذَلِكَ نَظَرًا إلَى الْعَادَةِ، وَمَا يُذْكَرُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ الِاسْتِئْذَانِ فَمَحْمُولٌ عَلَى الشَّكِّ فِي رِضَا صَاحِبِهِ أَوْ عَلَى الْوَرَعِ. قَالَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَرَضِيَ عَنْهُ: إنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَبَاحَ الْأَكْلَ مِنْ بُيُوتِ الْقَرَابَاتِ الْمَذْكُورِينَ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِبَذْلِ طَعَامِهِمْ.
فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ وَرَاءَ حِرْزٍ لَمْ يَجُزْ هَتْكُ الْحِرْزِ. وَمِثْلُهُ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَكَانَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ يَرَيَانِ الْأَكْلَ مِنْ طَعَامِ الصَّدِيقِ بِغَيْرِ اسْتِئْذَانٍ جَائِزًا. قُلْت: وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ، وَالْمُنْتَهَى، وَالْغَايَةِ.
وَعِبَارَتُهُمْ: وَلَا يَجُوزُ الْأَكْلُ بِغَيْرِ إذْنٍ صَرِيحٍ، أَوْ قَرِينَةٍ، وَلَوْ مِنْ بَيْتِ قَرِيبِهِ، أَوْ صَدِيقِهِ، وَلَوْ لَمْ يُحْرِزْهُ عَنْهُ.
وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - مَرْفُوعًا «مَنْ دَخَلَ عَلَى غَيْرِ دَعْوَةٍ دَخَلَ سَارِقًا وَخَرَجَ مُغِيرًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَلِأَنَّهُ مَالُ غَيْرِهِ فَلَا يُبَاحُ أَكْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute