لَا يَلْتَحِقُ بِهِ إلَى زِيِّ الْفُقَرَاءِ بَلْ يَتَوَسَّطُ، كَمَا حَكَاهُ فِي الْفُرُوعِ كَمَا أَسْلَفْنَاهُ عَنْهُ آنِفًا، وَيَخْرُجُ بِهِ عَنْ زِيِّ أَهْلِ الْخُيَلَاءِ فَتَكُونُ حَالَتُهُ بَيْنَ حَالَتَيْنِ فَخَيْرُ الْأُمُورِ أَوْسَطُهَا كَمَا قَدَّمْنَا، فَلِكُلِّ مَقَامٍ مَقَالٌ وَاَللَّهُ وَلِيُّ الْأَفْضَالِ جَلَّ شَأْنُهُ.
مَطْلَبٌ: يُسَنُّ حَمْدُ اللَّهِ تَعَالَى فِي كُلِّ حَالَةٍ لَا سِيَّمَا عِنْدَ لُبْسِ الثِّيَابِ
وَيَحْسُنُ حَمْدُ اللَّهِ فِي كُلِّ حَالَةٍ وَلَا سِيَّمَا فِي لُبْسِ ثَوْبٍ مُجَدَّدِ (وَيَحْسُنُ) بِمَعْنَى يُشْرَعُ (حَمْدُ اللَّهِ) جَلَّ شَأْنُهُ وَتَعَالَى سُلْطَانُهُ (فِي كُلِّ حَالَةٍ) مِنْ الْحَالَاتِ، أَمَّا فِي الْقَلْبِ فَمُطْلَقًا، وَأَمَّا بِاللِّسَانِ فَكَذَلِكَ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ مِنْ الْأَمَاكِنِ الْقَذِرَةِ وَكَوْنِ الرَّجُلِ عَلَى حَاجَتِهِ وَزَوْجَتِهِ، وَكُلِّ مَكَان لَا يَحْسُنُ الذِّكْرُ وَالْقُرْآنُ فِيهِ كَمَا قَدَّمْنَا فِي آدَابِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ (وَلَا سِيَّمَا) تَقَدَّمَ أَنْ لَا سِيَّمَا يَدْخُلُ مَا بَعْدَهَا فِيمَا قَبْلَهَا مِنْ بَابِ أَوْلَى.
وَقَالَ ابْنُ الْهَاثِمِ: هِيَ مِنْ أَدَوَاتِ الِاسْتِثْنَاءِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ.
وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْهَا بَلْ هِيَ مُضَادَّةٌ لِلِاسْتِثْنَاءِ، فَإِنَّ الَّذِي بَعْدَهَا دَاخِلٌ فِيمَا دَخَلَ فِيهِ قَبْلَهَا، وَمَشْهُودٌ لَهُ بِأَنَّهُ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِ انْتَهَى.
فَأَشْعَرَ كَلَامُ النَّاظِمِ أَنَّ حَمْدَ اللَّهِ مَشْرُوعٌ فِي كُلِّ حَالَةٍ وَيَحْسُنُ أَيْضًا مِنْ بَابِ أَوْلَى حَمْدُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ (فِي) حَالَةِ (لُبْسِ) الْإِنْسَانِ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى لِ (ثَوْبٍ) مِنْ الثِّيَابِ مِنْ إزَارٍ وَرِدَاءٍ وَقَمِيصٍ وَعِمَامَةٍ وَسَرَاوِيلَ وَنَحْوِهَا (مُجَدِّدٍ) أَيْ جَدِيدٍ لَمْ يَكُنْ اسْتَعْمَلَهُ قَبْلَ ذَلِكَ.
وَذَلِكَ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَكَلَ طَعَامًا فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَسَانِي هَذَا وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ» هَكَذَا لَفْظُ أَبِي دَاوُد وَلَمْ يَقُلْ الْحَاكِمُ وَمَا تَأَخَّرَ.
مَطْلَبٌ: الْأَعْمَالُ الَّتِي مَنْ عَمِلَهَا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّرَ مِنْ ذَنْبِهِ
(فَائِدَةٌ) : ذَكَرَ الْعَلْقَمِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ جُمْلَةَ الْأَعْمَالِ الْوَارِدَةِ الَّتِي مَنْ عَمِلَ بِهَا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ سِتَّةَ عَشَرَ جَمَعَهَا مِنْ الْأَحَادِيثِ وَنَظَمَهَا فَقَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute