للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ «إنَّ اللَّهَ يَسْتَحْيِ أَنْ يَبْسُطَ الْعَبْدُ يَدَيْهِ يَسْأَلُهُ فِيهِمَا خَيْرًا فَيَرُدَّهُمَا خَائِبَتَيْنِ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا النَّسَائِيَّ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا سَأَلْتُمْ اللَّهَ فَأَسْأَلُوهُ بِبُطُونِ أَكُفِّكُمْ وَلَا تَسْأَلُوهُ بِظُهُورِهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد «وَكَانَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ» . وَقَوْلُهُ (بِقَلْبٍ مُنِيبٍ) مُتَعَلِّقٌ بِضَارِعٍ، أَيْ تَائِبٌ رَاجِعٌ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ الذُّنُوبِ إلَى الطَّاعَاتِ، أَوْ مِنْ الْفِرَارِ مِنْهُ إلَيْهِ، يُقَالُ نَابَ إلَى اللَّهِ تَابَ كَأَنَابَ (وَادْعُ) اللَّهَ سُبْحَانَهُ.

وَبِنَبْغِي لَك أَنْ تَتَحَرَّى الْمَأْثُورَ عَنْ مَنْبَعِ الْهُدَى وَيَنْبُوعِ النُّورِ مَعَ مُرَاعَاةِ آدَابِ الدُّعَاءِ. فَإِنْ فَعَلْت ذَلِكَ (تُعْطَ) مَا سَأَلْته عَنْ خَيْرَيْ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ (وَتَسْعَدْ) سَعَادَةً لَا شَقَاوَةَ بَعْدَهَا بِتَضَرُّعِك لِمَوْلَاك وَقِيَامِك بِالْأَدْعِيَةِ الْمَأْثُورَةِ الْفَاخِرَةِ، وَتَنْجُ مِنْ أَلِيمِ الْعَذَابِ وَأَلَمِ الْحِجَابِ، وَتُجَاوِرُ رَبًّا كَرِيمًا إذَا سُئِلَ أَعْطَى وَإِذَا دُعِيَ أَجَابَ.

مَطْلَبٌ: فِيمَا يَقُولُ الرَّجُلُ إذَا قَامَ إلَى الصَّلَاةِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ

فَمِنْ الْمَأْثُورِ، عَنْ النَّبِيِّ الْمَبْرُورِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَغَيْرُهُمْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا قَامَ إلَى الصَّلَاةِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ لَك الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَلَك الْحَمْدُ أَنْتَ قَيُّومُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَك الْحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، أَنْتَ الْحَقُّ، وَقَوْلُك الْحَقُّ، وَوَعْدُك الْحَقُّ، وَلِقَاؤُك حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَك أَسْلَمْت، وَبِك آمَنْت، وَعَلَيْك تَوَكَّلْت، وَإِلَيْكَ أَنَبْت، وَبِك خَاصَمْت، وَإِلَيْك حَاكَمْت، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْت وَأَخَّرْت، وَأَسْرَرْت وَأَعْلَنْت، أَنْتَ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ» هَذَا لَفْظُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالنَّسَائِيِّ.

وَعَزَاهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ إلَى الصَّحِيحَيْنِ وَزَادَ النَّسَائِيُّ «وَمَنْ فِيهِنَّ» فِي الثَّلَاثِ وَ " مَا " فِي قَوْلِهِ «مَا قَدَّمَتْ وَمَا أَخَّرْت» إلَخْ. وَزَادَ «أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ» . وَلَفْظُ الصَّحِيحَيْنِ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ قَالَ: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>