للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهِ نَصٌّ بِخِلَافِهِ، وَهَلْ يُقْتَلُ الْكَلْبُ الْعَقُورُ، وَالْأَسْوَدُ الْبَهِيمُ وُجُوبًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُوَفَّقُ أَوْ اسْتِحْبَابًا، أَوْ إبَاحَةً، أَقْوَالٌ آخِرُهَا أَصَحُّهَا. قَالَ فِي الْإِقْنَاعِ بَعْدَ ذِكْرِ الْحَيَّةِ، وَالْفَأْرِ، وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ وَنَحْوِهَا: يُسْتَحَبُّ قَتْلُهَا وَقَتْلُ كُلُّ مَا كَانَ طَبْعُهُ الْأَذَى، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ أَذًى كَالْأَسَدِ وَالنَّمِرِ وَالذِّئْبِ، وَالْفَهْدِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا انْتَهَى.

وَقَدَّمَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى يُبَاحُ قَتْلُ الْكَلْبِ الْعَقُورِ، وَالْأَسْوَدِ الْبَهِيمِ، وَالْوَزَغِ، كَذَا قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ قَالَ: وَلَيْسَ مُرَادُهُمْ حَقِيقَةَ الْإِبَاحَةِ، وَالتَّعْبِيرُ بِالِاسْتِحْبَابِ أَوْلَى، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ فِي مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ، وَكَذَا كُلُّ مَا فِيهِ أَذًى فِي الْحَرَمِ وَغَيْرِهِ. قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِقَتْلِ خَمْسِ فَوَاسِقَ فِي الْحِلِّ، وَالْحَرَمِ: الْغُرَابُ، وَالْحِدَأَةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْفَأْرُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُنَّ فِي الْحَرَمِ» ، وَالْإِحْرَامِ، وَعَبَّرَ بِالِاسْتِحْبَابِ جَمَاعَةٌ مِمَّنْ تَكَلَّمَ عَلَى الْأَحَادِيثِ.

وَذَكَرَ الْأَصْحَابُ إبَاحَةَ قَتْلِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ، وَالْأَسْوَدِ الْبَهِيمِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَصَرَّحَ الْإِمَامُ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ، وَإِنْ كَانَا مُعَلَّمَيْنِ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَأَمَّا قَتْلُ مَا لَا يُبَاحُ إمْسَاكُهُ مِنْ الْكِلَابِ بِأَنْ كَانَ أَسْوَدَ بَهِيمًا، أَوْ عَقُورًا أُبِيحَ قَتْلُهُ، وَإِنْ كَانَا مُعَلَّمَيْنِ قَالَ: وَعَلَى قِيَاسِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ كُلُّ مَا آذَى النَّاسَ وَضَرَّهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، ثُمَّ صَرَّحَ الْمُوَفَّقُ بِوُجُوبِ قَتْلِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ، وَالْأَسْوَدِ الْبَهِيمِ.

قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: الْأَمْرُ بِالْقَتْلِ يَقْتَضِي النَّهْيَ عَنْ إمْسَاكِهِ وَتَعْلِيمِهِ وَالِاصْطِيَادِ بِهِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمَذْهَبَ عَدَمُ حِلِّ صَيْدِ الْأَسْوَدِ الْبَهِيمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

مَطْلَبٌ: فِي قَتْلِ غِرْبَانِ غَيْرِ الزَّرْعِ وَمَا أَشْبَهَهَا

وَغِرْبَانُ غَيْرِ الزَّرْعِ أَيْضًا وَشِبْهُهَا ... كَذَا حَشَرَاتُ الْأَرْضِ دُونَ تَقَيُّدِ

(وَ) يَحْسُنُ فِي الْحِلِّ، وَالْحَرَمِ لِلْحَلَالِ، وَالْمُحْرِمِ قَتْلُ (غِرْبَانٍ) جَمْعُ غُرَابٍ (غَيْرِ) غُرَابِ (الزَّرْعِ) فَلَا يَحِلُّ قَتْلُهُ فِي الْحَرَمِ وَلَا لِلْمُحْرِمِ لِإِبَاحَةِ أَكْلِهِ (أَيْضًا) مَصْدَرُ آضَ إذَا رَجَعَ أَيْ كَمَا يَحْسُنُ قَتْلُ النَّمِرِ، وَالْأَسَدُ يَحْسُنُ قَتْلُ غِرْبَانِ غَيْرِ الزَّرْعِ، وَالْمُرَادُ بِاَلَّذِي يَحْسُنُ قَتْلُهُ غُرَابُ الْبَيْنِ، وَالْأَبْقَعُ بِخِلَافِ غُرَابِ الزَّرْعِ، وَهُوَ ذُو الْمِنْقَارِ الْأَحْمَرِ، وَكَذَا الزَّاغُ فَلَا يَحِلُّ قَتْلُهُ فِي الْحَرَمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>