فِي هَذَا وَنَحْوِهِ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ صِفَاتُ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَطَّلِعُ لَهَا عَلَى مَاهِيَّةِ وَإِنَّمَا تَمُرُّ كَمَا جَاءَتْ.
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: مَذْهَبُ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا أَنْ يَصِفُوا اللَّهَ تَعَالَى بِمَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ وَبِمَا وَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيفٍ وَلَا تَعْطِيلٍ وَلَا تَكْيِيفٍ وَلَا تَمْثِيلٍ، وَلَا يَجُوزُ نَفْيُ صِفَاتِ اللَّهِ الَّتِي وَصَفَ بِهَا نَفْسَهُ وَلَا تَمْثِيلُهَا بِصِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ.
وَقَالَ الْمُؤَوِّلُونَ: الْمَكْرُ فِي الْأَصْلِ حِيلَةٌ يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى مَضَرَّةِ الْغَيْرِ، وَاَللَّهُ مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ فَلَا يُمْكِنُ إسْنَادُهُ إلَيْهِ سُبْحَانَهُ إلَّا بِطَرِيقِ الْمُشَاكَلَةِ. انْتَهَى.
أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ الْكِنْدِيِّ عَنْ فَرْقَدٍ السِّنْجِيِّ عَنْ مُرَّةَ بْنِ شَرَاحِيلَ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَرْفُوعًا «مَلْعُونٌ مَنْ ضَارَّ مُؤْمِنًا أَوْ مَكَرَ بِهِ» إسْنَادُهُ ضَعِيفٌ. وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد أَنَّهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ خَبَّبَ - بِمُعْجَمَةٍ فَمُوَحَّدَتَيْنِ تَحْتِيَّتَيْنِ - زَوْجَةَ امْرِئٍ أَوْ مَمْلُوكَةٍ فَلَيْسَ مِنَّا» وَمَعْنَى خَبَّبَ أَيْ أَفْسَدَ وَخَدَعَ.
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحٌ عَنْ أَبِي صِرْمَةَ «مَنْ ضَارَّ ضَرَّ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ شَاقَّ شَقَّ اللَّهُ عَلَيْهِ» وَيَحْرُمُ أَيْضًا (الْبَذَاءُ) قَالَ فِي الْمَشَارِقِ: بَذَا يَبْذُو بَذًا فَحُشَ فِي الْقَوْلِ. .
مَطْلَبٌ: فِي النَّهْيِ عَنْ الْفُحْشِ.
أَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْحَيَاءُ مِنْ الْإِيمَانِ، وَالْإِيمَانُ فِي الْجَنَّةِ، وَالْبَذَاءُ فِي الْجَفَاءِ، وَالْجَفَاءُ فِي النَّارِ» . وَقَالَ «الْحَيَاءُ وَالْعِيُّ شُعْبَتَانِ مِنْ الْإِيمَانِ، وَالْبَذَاءُ وَالْبَيَانُ شُعْبَتَانِ مِنْ النِّفَاقِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: الْعَيُّ قِلَّةُ الْكَلَامِ، وَالْبَذَاءُ هُوَ الْفُحْشُ فِي الْكَلَامِ، وَالْبَيَانُ هُوَ كَثْرَةُ الْكَلَامِ مِثْلَ هَؤُلَاءِ الْخُطَبَاءِ الَّذِينَ يَخْطُبُونَ فَيَتَوَسَّعُونَ فِي الْكَلَامِ وَيَتَفَصَّحُونَ فِيهِ مِنْ مَدْحِ النَّاسِ فِيمَا لَا يُرْضِي اللَّهَ. انْتَهَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute