للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَوَصَفَ الْخُدُودَ وَالنُّهُودَ وَالْقُدُودَ، وَقَدْ أَرْخَى الْقَوْمُ رُءُوسَهُمْ وَنَكَّسُوهَا، وَاسْتَمَعُوا لِلنَّغْمَةِ وَاسْتَأْنَسُوهَا، لَقُلْت وَهُمْ لِذَلِكَ مُطْرِقُونَ: مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ.

فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ.

وَكُلُّ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِطَائِفَةٍ زَعَمَتْ الْعِرْفَانَ يَهُونُ.

فَإِنَّهُمْ مَعَ انْكِبَابِهِمْ عَلَى الشَّهَوَاتِ، وَارْتِكَابِهِمْ الْمَعَاصِيَ وَانْتِحَالِهِمْ الشُّبُهَاتِ، يَزْعُمُونَ الِاتِّحَادَ وَالْحُلُولَ، وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ الطَّائِفَةُ النَّاجِيَةُ، وَأَنَّهُمْ هُمْ الْأَئِمَّةُ وَالْفُحُولُ.

وَلَقَدْ صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ كَمَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «لَا يَأْتِي عَامٌ إلَّا وَاَلَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ سَمِعْته مِنْ نَبِيِّكُمْ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» .

وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. .

مَطْلَبٌ: فِي بَيَانِ أَشْيَاءَ يَحْرُمُ فِعْلُهَا فِي الْمَسْجِدِ وَتُمْنَعُ مِنْهُ حَائِضٌ وَنُفَسَاءُ مُطْلَقًا.

قَالَ فِي الْإِقْنَاعِ: وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: يَجِبُ صَوْنُهُ عَنْ جُلُوسِهِمَا فِيهِ.

وَأَمَّا الْمُرُورُ فِيهِ فَيُسَنُّ صَوْنُهُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنْ لَا يُجْعَلَ طَرِيقًا إلَّا لِحَاجَةٍ.

قَالَ: وَكَوْنُهُ طَرِيقًا قَرِيبًا حَاجَةٌ.

وَكَذَلِكَ الْجُنُبُ بِلَا وُضُوءٍ.

وَيَحْرُمُ الْجِمَاعُ فِيهِ.

وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: يُكْرَهُ الْجِمَاعُ فَوْقَهُ وَالتَّمَسُّحُ بِحَائِطِهِ، وَالْبَوْلُ عَلَيْهِ.

وَجَوَّزَ فِي الرِّعَايَةِ الْوَطْءَ فِيهِ وَعَلَى سَطْحِهِ.

وَالْمَذْهَبُ حُرْمَةُ ذَلِكَ كُلِّهِ مَا لَمْ يَكُنْ هَوَاءُ الْمَسْجِدِ لَيْسَ بِمَسْجِدٍ، مِثْلُ أَنْ يَبْنِيَ بَيْتًا فَوْقَ بَيْتٍ ثُمَّ يَجْعَلَ السُّفْلَ مِنْهُمَا مَسْجِدًا دُونَ الْأَعْلَى، فَهَذَا لَا يَحْرُمُ الْوَطْءُ فِيهِ.

وَأَمَّا إذَا كَانَ السَّطْحُ تَابِعًا لِلْمَسْجِدِ فَيَحْرُمُ الْوَطْءُ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَيُمْنَعُ مِنْ الْبَوْلِ فِيهِ، وَلَوْ فِي إنَاءٍ، وَالْفَصْدُ وَالْحِجَامَةُ وَالْقَيْءُ وَنَحْوُ ذَلِكَ.

وَإِنْ بَالَ خَارِجَهُ وَجَسَدُهُ فِيهِ دُونَ ذَكَرِهِ كُرِهَ.

وَمَفْهُومُهُ: إذَا كَانَ ذَكَرُهُ فِي الْمَسْجِدِ حَرُمَ؛ لِأَنَّ الْهَوَاءَ تَابِعٌ لِلْقَرَارِ.

وَقَدْ سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَمَا فِي الْفَتَاوَى الْمِصْرِيَّةِ عَنْ رَجُلٍ مُجَاوِرٍ فِي مَسْجِدٍ، وَلَيْسَ بِهِ ضَرَرٌ، وَالسِّقَايَةُ بِالْقُرْبِ مِنْهُ، فَهَلْ لَهُ أَنْ يَبُولَ فِي وِعَاءٍ فِي الْمَسْجِدِ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟ أَجَابَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبُولَ فِي وِعَاءٍ فِي الْمَسْجِدِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>