وَاللَّعْنَةُ. فَقَالَ يَا عَائِشَةُ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ. قَالَتْ أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ قَالَ قَدْ قُلْت وَعَلَيْكُمْ» .
وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا «أَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ بَلْ عَلَيْكُمْ السَّامُ وَالذَّامُّ. فَقَالَ يَا عَائِشَةُ لَا تَكُونِي فَاحِشَةً، فَقَالَ مَا سَمِعْت مَا قَالُوا؟ فَقَالَ أَوَلَيْسَ قَدْ رَدَدْت عَلَيْهِمْ الَّذِي قَالُوا، قُلْت وَعَلَيْكُمْ» وَفِي لَفْظٍ: «مَهْ يَا عَائِشَةُ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يُحِبُّ الْفُحْشَ وَالتَّفَحُّشَ وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ} [المجادلة: ٨] الْآيَةَ» . الذَّامُّ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمِيمِ الذَّمُّ، وَرُوِيَ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَمَعْنَاهُ الدَّائِمُ، وَالسَّامُ الْمَوْتُ. وَفِي رِوَايَةٍ «إنَّا نُجَابُ عَلَيْهِمْ وَلَا يُجَابُونَ عَلَيْنَا» قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: فِيهِ الِانْتِصَارُ مِنْ الظَّالِمِ وَالِانْتِصَارُ لِأَهْلِ الْفَضْلِ مِمَّنْ يُؤْذِيهِمْ. انْتَهَى.
وَفِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [الأعراف: ٣٣] قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: كُلُّ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ فَهُوَ فَاحِشٌ. وَأَكْثَرُ اسْتِعْمَالِ الْفَاحِشَةِ فِي الزِّنَا وَاللُّوَاطَةِ وَلَيْسَ مُرَادًا هُنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[النَّهْي عَنْ الْمَكْر]
وَيَحْرُمُ أَيْضًا (مَكْرٌ) وَهُوَ كَمَا فِي الْقَامُوسِ وَالنِّهَايَةِ وَغَيْرِهِمَا الْخِدَاعُ.
قَالَ فِي لُغَةِ الْإِقْنَاعِ: مَكَرَ مَكْرًا مِنْ بَابِ قَتَلَ خَدَعَ فَهُوَ مَاكِرٌ، وَأَمْكَرَ بِالْأَلِفِ لُغَةٌ. وَفِي النِّهَايَةِ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اللَّهُمَّ اُمْكُرْ لِي وَلَا تَمْكُرْ بِي» مَكْرُ اللَّهِ إيقَاعُ بَلَائِهِ بِأَعْدَائِهِ دُونَ أَوْلِيَائِهِ، وَقِيلَ هُوَ اسْتِدْرَاجُ الْعَبْدِ بِالطَّاعَاتِ فَيَتَوَهَّمُ أَنَّهَا مَقْبُولَةٌ وَهِيَ مَرْدُودَةٌ. وَالْمَعْنَى أَلْحِقْ مَكْرَك بِأَعْدَائِي لَا بِي. قَالَ وَأَصْلُ الْمَكْرِ الْخِدَاعُ، يُقَالُ مَكَرَ يَمْكُرُ مَكْرًا. انْتَهَى.
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [آل عمران: ٥٤] قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ كَغَيْرِهِ: وَمَكَرُوا أَيْ الَّذِينَ أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمْ الْكُفْرَ هُنَّ الْيَهُودُ وَكَّلُوا عَلَيْهِ مَنْ يَقْتُلُهُ غِيلَةً، وَمَكَرَ اللَّهُ حِينَ رَفَعَ عِيسَى وَأَلْقَى شَبَهَهُ عَلَى مَنْ قَصَدَ اغْتِيَالَهُ حَتَّى قُتِلَ. .
قَالَ وَالْمَكْرُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ فِي الْأَصْلِ حِيلَةٌ يَجْلُبُ بِهَا غَيْرَهُ إلَى مَضَرَّةٍ لَا يُسْنَدُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى إلَّا عَلَى سَبِيلِ الْمُقَابَلَةِ وَالِازْدِوَاجِ. وَاَللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ أَيْ أَقْوَاهُمْ مَكْرًا وَأَقْدَرُهُمْ عَلَى إيصَالِ الضَّرَرِ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ. وَقَالَ الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ مَرْعِيٌّ الْكَرْمِيُّ فِي كِتَابِهِ أَقَاوِيلِ الثِّقَاتِ: قَالَ وَمِنْ الْمُتَشَابِهِ الِاسْتِهْزَاءُ وَالْمَكْرُ فِي قَوْلِهِ {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ} [آل عمران: ٥٤] فَمَذْهَبُ السَّلَفِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute