اسْتِعْمَالَهَا لِمَا فِيهَا مِنْ الضَّرَرِ الشَّدِيدِ، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: الضِّفْدَعُ لَا تُجْعَلُ فِي الدَّوَاءِ. قَالَ فِي الْقَانُونِ مَنْ أَكَلَ مِنْ لَحْمِ الضِّفْدَعِ أَوْ جُرْحِهِ وَرِمَ بَدَنُهُ وَكَمِدَ لَوْنُهُ وَقَذَفَ الْمَنِيَّ حَتَّى يَمُوتَ وَلِذَلِكَ تَرَكَ الْأَطِبَّاءُ اسْتِعْمَالَهُ خَوْفًا مِنْ ضَرَرِهِ. وَالضَّفَادِعُ نَوْعَانِ مَائِيَّةٌ وَتُرَابِيَّةٌ وَالتُّرَابِيَّةُ يَقْتُلُ أَكْلُهَا.
وَفِي حَيَاةِ الْحَيَوَانِ الضَّفَادِعُ أَنْوَاعٌ كَثِيرَةٌ وَتَكُونُ مِنْ سِفَادٍ وَغَيْرِ سِفَادِ يَتَوَلَّدُ مِنْ الْمِيَاهِ الْقَائِمَةِ الضَّعِيفَةِ الْجَرْيِ وَمِنْ الْعُفُونَاتِ وَغِبِّ الْأَمْطَارِ الْغَزِيرَةِ حَتَّى يُظَنَّ أَنَّهُ يَقَعُ مِنْ السَّحَابِ لِكَثْرَةِ مَا يُرَى مِنْهُ عَلَى الْأَسْطِحَةِ عَقِبَ الْمَطَرِ وَالرِّيحِ وَلَيْسَ ذَلِكَ عَنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى، وَإِنَّمَا يَخْلُقُهُ اللَّهُ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ مِنْ طِبَاعِ تِلْكَ التُّرْبَةِ، وَهِيَ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي لَا عِظَامَ لَهَا، وَمِنْهَا مَا يَنِقُّ، وَمِنْهَا مَا لَا يَنِقُّ وَاَلَّذِي يَنِقُّ مِنْهَا يَخْرُجُ صَوْتُهُ مِنْ قُرْبِ أُذُنِهِ وَيُوصَفُ بِحِدَةِ السَّمْعِ، وَإِذَا أَرَادَتْ النَّقِيقَ أَدْخَلَتْ فَكَّهَا الْأَسْفَلَ فِي الْمَاءِ وَمَتَى دَخَلَ الْمَاءُ فِي فَكِّهَا لَا تَنِقُّ؛ وَلِذَا قَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ، وَقَدْ عُوتِبَ عَلَى قِلَّةِ كَلَامِهِ:
قَالَتْ الضِّفْدَعُ قَوْلًا ... فَسَّرَتْهُ الْحُكَمَاءُ فِي فَمِي مَاءٌ
وَهَلْ يَنْطِقُ مَنْ فِي فِيهِ مَاءُ
مَطْلَبٌ: فِي أَنَّ نَقِيقَ الضِّفْدَعِ تَسْبِيحٌ لِلَّهِ تَعَالَى.
قَالَ سُفْيَانُ: يُقَالُ: إنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ أَكْثَرُ ذِكْرًا لِلَّهِ مِنْ الضِّفْدَعِ. وَفِي الْكَامِلِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ ضِفْدَعًا أَلْقَتْ نَفْسَهَا فِي النَّارِ مِنْ مَخَافَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَأَثَابَهُنَّ اللَّهُ تَعَالَى بَرْدَ الْمَاءِ وَجَعَلَ نَقِيقَهُنَّ التَّسْبِيحَ.
وَفِي كِتَابِ الزَّاهِرِ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْقُرْطُبِيِّ أَنَّ دَاوُد - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ: لَأُسَبِّحَنَّ اللَّهَ تَسْبِيحًا مَا سَبَّحَهُ بِهِ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ فَنَادَتْهُ ضِفْدَعٌ مِنْ سَاقِيَةٍ فِي دَارِهِ يَا دَاوُد تَفْخَرُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِتَسْبِيحِك، وَإِنَّ لِي لَسَبْعِينَ سَنَةً مَا جَفَّ لِسَانِي مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَإِنَّ لِي لَعَشْرَ لَيَالٍ مَا طَعِمْت خَضْرَاءَ وَلَا شَرِبْت مَاءً اشْتِغَالًا بِكَلِمَتَيْنِ فَقَالَ: مَا هُمَا فَقَالَتْ: يَا مُسَبَّحًا بِكُلِّ لِسَانٍ، وَمَذْكُورًا بِكُلِّ مَكَان، فَقَالَ دَاوُد فِي نَفْسِهِ وَمَا عَسَى أَنْ أَقُولَ أَبْلَغَ مِنْ هَذَا.
وَفِي شُعَبِ الْإِيمَانِ لِلْبَيْهَقِيِّ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُد - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ظَنَّ فِي نَفْسِهِ أَنَّ أَحَدًا لَمْ يَمْدَحْ خَالِقَهُ بِأَفْضَلَ مِمَّا مَدَحَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَلَكًا، وَهُوَ قَاعِدٌ فِي مِحْرَابِهِ، وَالْبِرْكَةُ إلَى جَانِبِهِ فَقَالَ: يَا دَاوُد افْهَمْ مَا تُصَوِّتُ بِهِ الضِّفْدَعُ فَأَنْصَتَ إلَيْهَا، فَإِذَا هِيَ تَقُولُ: سُبْحَانَك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute