وَلَيْسَ تَغْلِيبُ التَّحْلِيلِ بِأَوْلَى مِنْ التَّحْرِيمِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَحْرُمُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، صَحَّحَهُ الْمَجْدُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَاعْتَمَدَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ، وَالْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِمَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(تَتِمَّةٌ) فِي أَبْحَاثٍ وَفَوَائِدَ تَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْمَسَائِلِ.
مَطْلَبٌ: الْحَرِيرُ مُحَرَّمٌ عَلَى الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ
(الْبَحْثُ الْأَوَّلُ) إنَّمَا يَحْرُمُ الْحَرِيرُ عَلَى الذُّكُورِ كَمَا عُلِمَ دُونَ الْإِنَاثِ، وَالْخَنَاثَى هُنَا مُلْحَقُونَ بِالرِّجَالِ، فَيَحْرُمُ عَلَى الْخُنْثَى مِنْ الْحَرِيرِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الذَّكَرِ تَغْلِيبًا لِلْحَظْرِ. قَالَ فِي الْآدَابِ: يُبَاحُ الْحَرِيرُ بِأَنْوَاعِهِ لِلنِّسَاءِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالظَّاهِرِيَّةُ وَغَيْرُهُمْ، وَكَذَا إبَاحَةُ الذَّهَبِ لَهُنَّ انْتَهَى.
وَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالنَّسَائِيِّ عَنْ خَلِيفَةَ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: سَمِعْت «الزُّبَيْرَ يَخْطُبُ وَيَقُولُ: لَا تُلْبِسُوا نِسَاءَكُمْ الْحَرِيرَ فَإِنِّي سَمِعْت عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ، فَإِنَّهُ مَنْ لَبِسَهُ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الْآخِرَةِ» . وَزَادَ النَّسَائِيُّ فِي رِوَايَةٍ: «وَمَنْ لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الْآخِرَةِ لَمْ يَدْخُلْ الْجَنَّةَ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} [الحج: ٢٣] » .
وَرَوَى النَّسَائِيُّ، وَالْحَاكِمُ، وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَمْنَعُ أَهْلَهُ الْحِلْيَةَ، وَالْحَرِيرَ وَيَقُولُ إنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ حِلْيَةَ الْجَنَّةِ وَحَرِيرَهَا فَلَا تَلْبَسُوهَا فِي الدُّنْيَا» . .
وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «وَيْلٌ لِلنِّسَاءِ مِنْ الْأَحْمَرَيْنِ الذَّهَبِ، وَالْمُعَصْفَرِ» . وَأَبُو الشَّيْخِ بْنُ حَيَّانَ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا «أُرِيتُ أَنِّي دَخَلْتُ الْجَنَّةَ، فَإِذَا أَعَالِي أَهْلِ الْجَنَّةِ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ وَذَرَارِيُّ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِذَا لَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ أَقَلَّ مِنْ الْأَغْنِيَاءِ وَالنِّسَاءِ فَقِيلَ لِي: أَمَّا الْأَغْنِيَاءُ، فَإِنَّهُمْ عَلَى الْبَابِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute