اشْتَدَّ وَعَسِرَ وَنَاكَدَهُ عَاسَرَهُ وَتَنَاكُدًا تَعَاسُرًا، وَالْمُرَادُ هُنَا أَنَّ كَثْرَةَ سُؤَالِ الْمَرِيضِ تَعْسُرُ عَلَيْهِ وَتَصْعُبُ وَتُضْجِرُهُ وَتَثْقُلُ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَكُونَ مَشْغُولًا بِحَالِهِ مُتَنَصِّلًا مِنْ ذَنْبِهِ وَضَلَالِهِ. رَاجِيًا عَفْوَ رَبِّهِ. خَائِفًا مِنْ وَصْمَةِ ذَنْبِهِ، بَلْ يَسْأَلُ الْعَائِدُ الْمَرِيضَ عَنْ حَالِهِ نَحْوُ كَيْفَ تَجِدُك؟ وَيُنَفِّسُ لَهُ فِي أَجَلِهِ بِمَا يُطَيِّبُ بِهِ نَفْسَهُ إدْخَالًا لِلسُّرُورِ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إذَا دَخَلْتُمْ عَلَى الْمَرِيضِ فَنَفِّسُوا لَهُ فِي أَجَلِهِ» لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ كَمَا فِي الْفُرُوعِ.
مَطْلَبٌ: ثَلَاثَةٌ لَا يُعَادُ صَاحِبُهُنَّ
(تَنْبِيهَانِ) :
(الْأَوَّلُ) : ظَاهِرُ إطْلَاقِ النَّظْمِ اسْتِحْبَابُ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَلَوْ مِنْ وَجَعِ ضِرْسٍ أَوْ رَمَدٍ، أَوْ دُمَّلٍ خِلَافًا لِأَبِي الْمَعَالِي بْنِ الْمُنَجَّا، فَإِنَّهُ قَالَ: لَا يُعَادُونَ وَلَا يُسَمُّونَ مَرْضَى وَاحْتَجَّ بِخَبَرٍ ضَعِيفٍ رَوَاهُ النِّجَادُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «ثَلَاثَةٌ لَا يُعَادُ صَاحِبُهُنَّ الرَّمَدُ وَالضِّرْسُ وَالدُّمَّلُ» قُلْت، وَذَكَرَهُ الْإِمَامُ الْحَافِظُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ وَتَعَقَّبَهُ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ بِأَنَّهُ ضَعِيفٌ لَا مَوْضُوعٌ.
(الثَّانِي) : قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ الصَّيْرَفِيِّ نُقِلَ عَنْ إمَامِنَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ لَهُ وَلَدُهُ: يَا أَبَتِ إنَّ جَارَنَا فُلَانًا مَرِيضٌ فَمَا تَعُودُهُ؟ قَالَ: يَا بُنَيَّ مَا عَادَنَا فَنَعُودُهُ قَالَ: وَيُشْبِهُ هَذَا مَا نَقَلَ عَنْهُ ابْنَاهُ فِي السَّلَامِ عَلَى الْحُجَّاجِ.
وَفِي كِتَابِ الْعُزْلَةِ لِلْخَطَّابِيِّ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ كَانَ يَشْهَدُ الْجَنَائِزَ وَيَعُودُ الْمَرْضَى وَيُعْطِي الْإِخْوَانَ حُقُوقَهُمْ فَتَرَكَ وَاحِدًا وَاحِدًا حَتَّى تَرَكَهَا كُلَّهَا، وَكَانَ يَقُولُ: لَا يَتَهَيَّأُ لِلْمَرْءِ أَنْ يُخْبِرَ بِكُلِّ عُذْرٍ.
وَعَنْ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ: لَا تَعُدْ مَنْ لَا يَعُودُك وَلَا تَشْهَدْ جِنَازَةَ مَنْ لَا يَشْهَدُ جِنَازَتَك وَلَا تُؤَدِّ حَقَّ مَنْ لَا يُؤَدِّي حَقَّك، وَإِنْ عَدَلْت عَنْ ذَلِكَ فَأَبْشِرْ بِالْجَوْرِ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: يُرَادُ بِهَذَا التَّأْدِيبُ وَالتَّقْوِيمُ دُونَ الْمُكَافَأَةِ، وَالْمُجَازَاةِ، وَبَعْضُ هَذَا مِمَّا يُرَاضُ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مَطْلَبٌ: فِي طَلَبِ الدُّعَاءِ مِنْ الْمَرِيضِ، وَأَنَّهُ مُجَابُ الدَّعْوَةِ.
(تَتِمَّةٌ) رَوَى ابْنُ مَاجَهْ، وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ مَشْهُورُونَ إلَّا أَنَّ مَيْمُونَ بْنَ مِهْرَانَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا دَخَلْت عَلَى مَرِيضٍ فَمُرْهُ يَدْعُو لَك، فَإِنَّ دُعَاءَهُ كَدُعَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute