عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي عِيَادَتِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ قَالَ: «فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقُمْنَا مَعَهُ، وَنَحْنُ بِضْعَةَ عَشَرَ مَا عَلَيْنَا نِعَالٌ وَلَا خِفَافٌ وَلَا قَلَانِسُ وَلَا قُمُصٌ نَمْشِي فِي السِّبَاخِ» وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَامْشِ) أَحْيَانًا (وَارْكَبَنْ) فِعْلُ أَمْرٍ مُؤَكَّدٌ بِالنُّونِ الْخَفِيفَةِ وَارْكَبْ أَحْيَانًا وَلَا تَتَنَعَّمْ كُلَّ النَّعَمِ، وَلَا تَتَقَشَّفْ كُلَّ التَّقَشُّفِ، فَتَارَةً هَكَذَا وَتَارَةً هَكَذَا
مَطْلَبٌ: تَمَعْدَدُوا وَاخْشَوْشِنُوا.
(تَمَعْدَدْ) أَيْ اتَّبِعْ سُنَّةَ مَعْدِ بْنِ عَدْنَانَ فِي التَّقَشُّفِ، وَعَدَمِ التَّنَعُّمِ (وَاخْشَوْشِنْ) قَدْ قَدَّمْنَا مَا رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي مُسْنَدِهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَفِيهِ «وَتَمَعْدَدُوا وَاخْشَوْشِنُوا وَاقْطَعُوا الرَّكْبَ وَانْزُوا وَارْمُوا الْأَغْرَاضَ» . وَذَكَرْنَا أَيْضًا مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْمُعْجَمِ عَنْ أَبِي حَدْرَدٍ الْأَسْلَمِيِّ مَرْفُوعًا «تَمَعْدَدُوا وَاخْشَوْشِنُوا» . قَالَ فِي الْفُرُوعِ: قَوْلُهُ تَمَعْدَدُوا أَمْرٌ بِاللُّبْسَةِ الْخَشِنَةِ الْمَنْسُوبَةِ إلَى مَعْدِ بْنِ عَدْنَانَ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: وَعَلَيْكُمْ بِالْمُعَدِّيَةِ. وَقِيلَ مَعْنَى تَمَعْدَدُوا أَيْ مِنْ الْغِلَظِ، وَمِنْهُ يُقَالُ لِلْغُلَامِ إذَا شَبَّ وَغَلُظَ تَمَعْدَدَ. قَالَ الْهَرَوِيُّ: وَيُقَالُ تَمَعْدَدُوا: تَشَبَّهُوا بِعَيْشِ مَعْدٍ وَكَانُوا أَهْلَ غِلَظٍ وَقَشَفٍ. وَقَالَ فِي الْقَامُوسِ:
اخْشَوْشَنَ وَتَخَشَّنَ اشْتَدَّتْ خُشُونَتُهُ، أَوْ لَبِسَ الْخَشِنَ، أَوْ تَكَلَّمَ بِهِ، أَوْ عَاشَ عَيْشًا خَشِنًا، وَاخْشَوْشَنَ أَبْلَغُ فِي الْكُلِّ.
وَقَالَ الْعَلْقَمِيُّ: اخْشَوْشِنُوا بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ الْأُولَى يَعْنِي الشِّينَ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَبِكَسْرِ الثَّانِيَةِ أَمْرٌ مِنْ الْخُشُونَةِ.
قَالَ فِي الدُّرِّ: أَيْ كُونُوا كَمَعْدِ بْنِ عَدْنَانَ وَكَانُوا أَهْلَ غِلَظٍ وَقَشَفٍ، وَعَلَيْكُمْ بِاللُّبْسَةِ الْمُعَدِّيَةِ أَيْ خُشُونَةُ اللِّبَاسِ.
وَرَوَى «تَمَعْزَزُوا وَاخْشَوْشِنُوا» بِالزَّايِ، أَيْ كُونُوا أَشَدَّ صَبْرًا مِنْ الْمُعِزِّ، وَهُوَ الشِّدَّةُ كَمَا فِي النِّهَايَةِ انْتَهَى.
وَكُنْت فِيمَا تَقَدَّمَ تَكَلَّمْت عَلَى قَوْلِهِ (وَاقْطَعُوا الرَّكْبَ) مِنْ عِنْدِي، ثُمَّ رَأَيْت الْعَلَّامَةَ ابْنَ قُنْدُسٍ ذَكَرَ فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ وَعِبَارَتُهُ: الظَّاهِرُ أَنَّ الرَّكْبَ جَمْعُ رِكَابٍ مِثْلُ كِتَابٍ وَكُتُبٍ، وَالْمُرَادُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّهُمْ يُلْقُونَ رَكْبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute