الْإِرْفَاهِ» قَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي: الْإِرْفَاهُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَبِفَاءٍ آخِرَهُ هَاءٌ، التَّنَعُّمُ وَالرَّاحَةُ. وَمِنْهُ الرَّفَهُ بِفَتْحَتَيْنِ. وَقُيِّدَ فِي الْحَدِيثِ بِالْكَثْرَةِ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْوَسَطَ الْمُعْتَدِلَ مِنْهُ لَا يُذَمُّ. وَبِذَلِكَ جُمِعَ بَيْنَ الْأَخْبَارِ. انْتَهَى.
وَقَالَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَنْبَغِي لِلْعَالِمِ أَنْ يَتَوَسَّطَ فِي مَلْبَسِهِ وَنَفَقَتِهِ وَلْيَكُنْ إلَى التَّقْلِيلِ أَمْيَلَ، فَإِنَّ النَّاسَ يَنْظُرُونَ إلَيْهِ. وَيَنْبَغِي الِاحْتِرَازُ مِمَّا يُقْتَدَى فِيهِ بِهِ، فَإِنَّهُ مَتَى تَرَخَّصَ فِي الدُّخُولِ عَلَى السَّلَاطِينِ وَجَمْعِ الْحُطَامِ فَاقْتَدَى بِهِ غَيْرُهُ كَانَ الْإِثْمُ عَلَيْهِ، وَرُبَّمَا سَلِمَ هُوَ فِي دُخُولِهِ وَلَمْ يَفْقَهُوا كَيْفِيَّةَ سَلَامَتِهِ. وَمُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ الْبَنَّا أَنَّهُ لَا إثْمَ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مَطْلَبٌ: فِي كَرَاهَةِ لُبْسِ مَا فِيهِ صُورَةُ حَيَوَانٍ
وَلُبْسَ مِثَالِ الْحَيِّ فَاحْظُرْ بِأَجْوَدِ ... وَمَا لَمْ يُدَسْ مِنْهَا لِوَهْنٍ فَشَدِّدْ
(وَلُبْسَ) لِبَاسٌ فِيهِ صُوَرُ (مِثَالِ) الْحَيَوَانِ (الْحَيِّ) بِمَا يُشْبِهُ مَا فِيهِ رُوحٌ مِنْ طَيْرٍ وَغَيْرِهِ، وَالْمُرَادُ مَعَ سَلَامَةِ رَأْسِ الصُّورَةِ (فَاحْظُرْ) أَيْ امْنَعْ ذَلِكَ لِحُرْمَتِهِ (بِأَجْوَدِ) الْقَوْلَيْنِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَحْرُمُ عَلَى الْكُلِّ - يَعْنِي الذُّكُورَ، وَالْإِنَاثَ - لُبْسُ مَا فِيهِ صُورَةُ حَيَوَانٍ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: لَا يَنْبَغِي كَتَعْلِيقِهِ وَسَتْرِ الْجُدُرِ بِهِ وَتَصْوِيرِهِ بِاتِّفَاقِ الْأَرْبَعَةِ. وَقِيلَ: لَا يَحْرُمُ، وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَشَيْخُنَا. انْتَهَى يَعْنِي شَيْخَ الْإِسْلَامِ، وَالْمُعْتَمَدُ الْحُرْمَةُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ، وَالْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِمَا.
وَعِبَارَةُ الْإِقْنَاعِ: وَيَحْرُمُ عَلَى ذَكَرٍ وَأُنْثَى لُبْسُ مَا فِيهِ صُورَةُ حَيَوَانٍ وَتَعْلِيقُهُ وَسَتْرُ الْجُدُرِ بِهِ وَتَصْوِيرُهُ: بَلْ هُوَ كَبِيرَةٌ حَتَّى فِي سِتْرٍ وَسَقْفٍ وَحَائِطٍ وَسَرِيرٍ وَنَحْوِهَا انْتَهَى.
وَتَقَدَّمَ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ طَرَفٌ مِنْ الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ فِي تَحْرِيمِ التَّصْوِيرِ وَاسْتِعْمَالِ الصُّوَرِ. وَصَحَّ عَنْهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ صَوَّرَ صُورَةً كُلِّفَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ وَلَيْسَ بِنَافِخٍ وَعُذِّبَ» .
مَطْلَبٌ: فِي عَدَمِ حُرْمَةِ اسْتِعْمَالِ مَا فِيهِ صُورَةٌ إذَا كَانَتْ مُمْتَهَنَةً
(وَمَا) أَيْ الَّذِي (لَمْ يُدَسْ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الصُّوَرِ، أَوْ الْفُرُشِ، وَالْمَخَادِّ الَّتِي فِيهَا الصُّوَرُ (لِوَهْنٍ) أَيْ لِضَعْفٍ وَإِهَانَةٍ وَاحْتِقَارٍ. هَذَا مُرَادُ النَّاظِمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute