وَقَالَ آخَرُ وَأَحْسَنَ:
صُنْ الْحُسْنَ بِالتَّقْوَى وَإِلَّا فَيَذْهَبْ ... فَنُورُ التُّقَى يَكْسُو جَمَالًا وَيُكْسِبْ
وَمَا يَنْفَعُ الْوَجْهَ الْجَمِيلَ جَمَالُهُ ... وَلَيْسَ لَهُ فِعْلٌ جَمِيلٌ مُهَذَّبْ
فَيَا حَسَنَ الْوَجْهِ اتَّقِ اللَّهَ إنْ تُرِدْ ... دَوَامَ جَمَالٍ لَيْسَ يَفْنَى وَيَذْهَبْ
يَزِيدُ التُّقَى ذَا الْحُسْنِ حُسْنًا وَبَهْجَةً ... وَأَمَّا الْمَعَاصِي فَهِيَ لِلْحُسْنِ تَسْلُبْ
وَتُكْسِفُ نُورَ الْوَجْهِ بَعْدَ بِهَائِهِ ... وَتَكْسُوهُ قُبْحًا ثُمَّ لِلْقَلْبِ تَقْلِبْ
فَسَارِعْ إلَى التَّقْوَى هُنَا تَجِدْ الْهَنَا ... غَدًا فِي صَفَا عَيْشٍ يَدُومُ وَيَعْذُبْ
فَمَا بَعْدَ ذِي الدُّنْيَا سِوَى جَنَّةٍ بِهَا ... نَعِيمٌ مُقِيمٌ أَوْ لَظًى تَتَلَهَّبْ.
مَطْلَبٌ: ثَلَاثَةٌ تَجْلُو الْبَصَرَ
وَفِي حَدِيثٍ ضَعِيفٍ رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي تَارِيخِهِ وَقِيلَ مَوْضُوعٌ «ثَلَاثَةٌ يُجَلِّينَ الْبَصَرَ: النَّظَرُ إلَى الْخُضْرَةِ، وَإِلَى الْمَاءِ الْجَارِي، وَإِلَى الْوَجْهِ الْحَسَنِ» . أَوْرَدَهُ السُّيُوطِيّ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَأَوْرَدَ حَدِيثَ «ثَلَاثَةٌ يَزِدْنَ فِي قُوَّةِ الْبَصَرِ: الْكُحْلُ بِالْإِثْمِدِ، وَالنَّظَرُ إلَى الْخُضْرَةِ، وَالنَّظَرُ إلَى الْوَجْهِ الْحَسَنِ» وَعَزَاهُ إلَى أَبِي الْحَسَنِ الْعِرَاقِيِّ فِي فَوَائِدِهِ عَنْ بُرَيْدَةَ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ. قَوْلُهُ: يُجَلِّينَ الْبَصَرَ قَالَ الْمُنَاوِيُّ: بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ فَمُثَنَّاةٌ تَحْتِيَّةٌ.
وَيُرْوَى فِي لَفْظٍ «ثَلَاثَةٌ تَجْلُو الْبَصَرَ: الْخُضْرَةُ وَالْمَاءُ الْجَارِي، وَالْوَجْهُ الْحَسَنُ» وَنَظَمَ ذَلِكَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ فَقَالَ:
ثَلَاثَةٌ تَجْلُو عَنْ الْقَلْبِ الْحَزَنْ ... الْمَاءُ وَالْخُضْرَةُ وَالْوَجْهُ الْحَسَنْ
وَيُرْوَى فِي حَدِيثٍ «النَّظَرُ إلَى الْوَجْهِ الْحَسَنِ يُورِثُ الْفَرَحَ، وَالنَّظَرُ إلَى الْوَجْهِ الْقَبِيحِ يُورِثُ الْكَلَحَ» وَهَذَا كَلَامٌ وَلَيْسَ بِحَدِيثٍ فِيمَا أَظُنُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالْكَلَحُ تَقَبُّضُ الْوَجْهِ. قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إذَا كَانَ النَّظَرُ إلَى الْوَجْهِ الْحَسَنِ يَزِيدُ فِي الْبَصَرِ فَيَقْتَضِي أَنَّ النَّظَرَ إلَى الْوَجْهِ الْقَبِيحِ يَنْقُصُ مِنْهُ، وَكَانَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعَنْ آبَائِهِ يَقُولُ: الْجَمَالُ مَرْحُومٌ وَقَالُوا: شَفِيعُ الْحُسْنِ مَقْبُولٌ وَنَظَمَ ذَلِكَ ابْنُ قَنْبَرٍ الْمَازِنِيُّ فَقَالَ:
وَيْلِي عَلَى مَنْ أَطَارَ النَّوْمَ فَامْتَنَعَا ... وَزَادَ قَلْبِي إلَى أَوْجَاعِهِ وَجَعَا
كَأَنَّمَا الشَّمْسُ فِي أَعْطَافِهِ لَمَعَتْ ... حُسْنًا أَوْ الْبَدْرُ مِنْ آزَارِهِ طَلَعَا