دَخَلَ تَنَحْنَحَ وَصَوَّتَ. مُخْتَصَرٌ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ.
فَيَنْبَغِي لِكُلِّ مُكَلَّفٍ إظْهَارُ حِسِّهِ (لِ) أَجْلِ (دَخْلَتِهِ) لِكُلِّ دَخْلَةٍ (حَتَّى) يَفْعَلَ ذَلِكَ مِنْ تَحْرِيكِ نَعْلِهِ وَإِظْهَارِ حِسِّهِ (لِ) دُخُولِ مَنْزِلِهِ عَلَى امْرَأَتِهِ وَأَمَتِهِ، فَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِدُخُولِهِ عَلَى الْأَجَانِبِ.
وَقَوْلُهُ (اشْهَدْ) فِعْلُ أَمْرٍ مِنْ الْإِشْهَادِ وَحُرِّكَ بِالْكَسْرِ لِلْقَافِيَةِ، أَيْ أَعْلِمْ ذَلِكَ وَأُشْهِدْهُ وَلَا تَتَوَقَّفْ فِيهِ. وَقَدْ مَرَّ أَنْ يَسْتَأْذِنَ، قَالَ يُحَرِّكُ نَعْلَهُ إذَا دَخَلَ. وَقَالَ إذَا دَخَلَ عَلَى أَهْلِهِ تَنَحْنَحَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَرَضِيَ عَنْهُ: يُسْتَحَبُّ لِمَنْ دَخَلَ مَنْزِلَهُ أَنْ يَقُولَ: مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ وَيُسَلِّمَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ إذَا دَخَلَ يَكْثُرُ خَيْرُ بَيْتِهِ.
وَفِي التِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَهُ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ «يَا بُنَيَّ إذَا دَخَلْت عَلَى أَهْلِك فَسَلِّمْ عَلَيْهِمْ تَكُونُ بَرَكَةً عَلَيْك وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِك» .
وَرَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ مَرْفُوعًا «إذَا وَلَجَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك خَيْرَ الْمَوْلَجِ وَخَيْرَ الْمَخْرَجِ، بِسْمِ اللَّهِ وَلَجْنَا وَبِسْمِ اللَّهِ خَرَجْنَا، وَعَلَى اللَّهِ رَبِّنَا تَوَكَّلْنَا، ثُمَّ يُسَلِّمُ عَلَى أَهْلِهِ» .
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد أَيْضًا بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَرْفُوعًا «ثَلَاثَةٌ كُلُّهُمْ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: رَجُلٌ خَرَجَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُ فَيُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ يَرُدَّهُ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ وَغَنِيمَةٍ، وَرَجُلٌ رَاحَ إلَى الْمَسْجِدِ فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ، وَرَجُلٌ دَخَلَ بَيْتَهُ بِسَلَامٍ فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» قَالَ الْخَطَّابِيُّ: ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ مَعْنَاهُ مَضْمُونٌ فَاعِلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، يُرِيدُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ.
قَالَ: وَقَوْلُهُ دَخَلَ بَيْتَهُ بِسَلَامٍ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يُسَلِّمَ إذَا دَخَلَ مَنْزِلَهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً} [النور: ٦١] .
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنْ يَلْزَمَ الْبَيْتَ طَلَبًا لِلسَّلَامَةِ مِنْ الْفِتَنِ، يُرَغِّبُ بِذَلِكَ فِي الْعُزْلَةِ وَيَأْمُرُ بِإِقْلَالِ الْخُلْطَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مَطْلَبٌ:
يُسْتَحَبُّ لِلْمُسْتَأْذِنِ إذَا قِيلَ لَهُ مَنْ أَنْتَ أَنْ يُسَمِّيَ نَفْسَهُ
وَتَحْرِيكُ نَعْلَيْهِ وَإِظْهَارُ حِسِّهِ ... لِدَخْلَتِهِ حَتَّى لِمَنْزِلِهِ اشْهَدْ
(فَوَائِدُ) الْأُولَى: يُسْتَحَبُّ لِلْمُسْتَأْذِنِ إذَا قِيلَ لَهُ مَنْ أَنْتَ أَوْ مَنْ هَذَا أَنْ يَقُولَ فُلَانٌ فَيُسَمِّيَ نَفْسَهُ بِمَا يُعْرَفُ بِهِ مِنْ اسْم أَوْ كُنْيَةٍ، لِمَا فِي حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ