أَعْضَاؤُهُ وَتَتَشَكَّلَ صُورَتُهُ، ثُمَّ تَأْتِي أُمُّهُ فَتُرْضِعُهُ، وَلَا يَفْتَحُ عَيْنَيْهِ إلَّا بَعْدَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ مِنْ تَخَلُّقِهِ، فَإِذَا مَضَى عَلَيْهِ مِقْدَارُ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بَعْدَ ذَلِكَ كُلِّفَ الِاكْتِسَابَ لِنَفْسِهِ بِالتَّعْلِيمِ وَالتَّدْرِيبِ قَالُوا: وَلِلْأَسَدِ مِنْ الصَّبْرِ عَلَى الْجُوعِ وَقِلَّةِ الْحَاجَةِ إلَى الْمَاءِ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِ مِنْ السِّبَاعِ، وَلَا يَأْكُلُ مِنْ فَرِيسَةِ غَيْرِهِ، وَإِذَا شَبِعَ مِنْ فَرِيسَةٍ تَرَكَهَا وَلَمْ يَعُدْ إلَيْهَا، وَإِذَا جَاعَ سَاءَتْ أَخْلَاقُهُ، وَإِذَا امْتَلَأَ بِالطَّعَامِ ارْتَاضَ، وَلَا يَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ وَلَغَ فِيهِ كَلْبٌ؛ وَلِذَا قِيلَ:
سَأَتْرُكُ حُبَّهَا مِنْ غَيْرِ بُغْضٍ ... وَلَكِنْ كَثْرَةُ الشُّرَكَاءِ فِيهِ
إذَا وَقَعَ الذُّبَابُ عَلَى طَعَامٍ ... رَفَعْتُ يَدِي وَنَفْسِي تَشْتَهِيهِ
وَتَجْتَنِبُ الْأُسُودُ وُرُودَ مَاءٍ ... إذَا كَانَ الْكِلَابُ وَلَغْنَ فِيهِ
وَيَرْتَجِعُ الْكَرِيمُ خَمِيصَ بَطْنٍ ... وَلَا يَرْضَى مُنَاهَمَةَ السَّفِيهِ
وَسُمِّيَ حَمْزَةُ عَمُّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَسَدَ اللَّهِ لَجُرْأَتِهِ وَشَجَاعَتِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
مَطْلَبٌ: فِيمَا يُقَالُ لِلْحِفْظِ مِنْ الْأَسَدِ وَشَرِّهِ
(فَائِدَةٌ) : رَوَى ابْنُ السُّنِّيِّ فِي عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ مِنْ حَدِيثِ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - أَنَّهُ قَالَ: إذَا كُنْت بِوَادٍ تَخَافُ فِيهِ السَّبْعَ فَقُلْ: أَعُوذُ بِدَانْيَالَ وَبِالْجُبِّ مِنْ شَرِّ الْأَسَدِ، أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ أَنَّ دَانْيَالَ طُرِحَ فِي الْجُبِّ وَأُلْقِيَتْ عَلَيْهِ السِّبَاعُ فَجَعَلَتْ السِّبَاعُ تَلْحَسُهُ وَتُبَصْبِصُ إلَيْهِ، فَأَتَاهُ رَسُولٌ مِنْ اللَّهِ فَقَالَ: يَا دَانْيَالُ فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ فَقَالَ: رَسُولُ رَبِّك إلَيْك أَرْسَلَنِي إلَيْك بِطَعَامٍ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَا يَنْسَى مَنْ ذَكَرَهُ.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا أَنَّ بُخْتَ نَصَّرَ ضَرَّى أَسَدَيْنِ وَأَلْقَاهُمَا فِي جُبٍّ وَجَاءَ بِدَانْيَالَ فَأَلْقَاهُ عَلَيْهِمَا فَمَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ اشْتَهَى الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ فَأَوْحَى اللَّهُ إلَى أَرْمِيَاءَ، وَهُوَ بِالشَّامِ أَنْ يَذْهَبَ إلَى دَانْيَالَ بِطَعَامٍ، وَهُوَ بِأَرْضِ الْعِرَاقِ، فَذَهَبَ إلَيْهِ حَتَّى وَقَفَ عَلَى رَأْسِ الْجُبِّ فَقَالَ دَانْيَالُ دَانْيَالُ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: أَرْمِيَاءُ فَقَالَ: مَا جَاءَ بِك؟ قَالَ: أَرْسَلَنِي إلَيْك رَبُّك فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَا يَنْسَى مَنْ ذَكَرَهُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَا يَخِيبُ مَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute