الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: هُوَ أَقَرُّ وَأَثْبَتُ وَأَحَبُّ إلَيَّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَابْنِ تَمِيمٍ وَالْإِفَادَاتِ وَغَيْرِهِمْ.
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ: وَقَدْ أَشَارَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إلَى أَنَّ التَّخَتُّمَ فِي الْيَمِينِ مَنْسُوخٌ، وَأَنَّ التَّخَتُّمَ فِي الْيَسَارِ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ. انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ ابْنِ رَجَبٍ.
قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: ضَعَّفَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَدِيثَ التَّخَتُّمِ فِي الْيَمِينِ.
قُلْت: الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْمَذْهَبُ اسْتِحْبَابُ كَوْنِ الْخَاتَمِ فِي خِنْصِرِ الْيُسْرَى.
مَطْلَبٌ: يُكْرَهُ الْخَاتَمُ فِي الْوُسْطَى وَالسَّبَّابَةِ
(وَيُكْرَهُ) لُبْسُ الْخَاتَمِ (فِي) الْأُصْبُعِ (الْوُسْطَى، وَ) كَذَا يُكْرَهُ لُبْسُهُ فِي (سَبَّابَةِ الْيَدِ) أَمَّا الْوُسْطَى إنَّمَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِتَوَسُّطِهَا بَيْنَ أَصَابِعِ الْيَدِ. وَأَمَّا السَّبَّابَةُ فَهِيَ الَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ.
قِيلَ سُمِّيَتْ سَبَّابَةٌ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُشِيرُونَ بِهَا إلَى السَّبِّ وَالْمُخَاصَمَةِ وَيَعَضُّونَهَا عِنْدَ النَّدَمِ.
وَلِذَا قَالَ قَائِلُهُمْ:
غَيْرِي جَنَى وَأَنَا الْمُعَذَّبُ فِيكُمْ ... فَكَأَنَّنِي سَبَّابَةُ الْمُتَنَدِّمِ
وَيُقَالُ لَهَا الْمُسَبِّحَةُ بِتَشْدِيدِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، اسْمُ فَاعِلٍ مَجَازًا؛ لِأَنَّهُمْ يُشِيرُونَ بِهَا عِنْدَ ذِكْرِ اللَّهِ - تَعَالَى - تَنْبِيهًا عَلَى التَّوْحِيدِ.
(تَنْبِيهَاتٌ) :
(الْأَوَّلُ) : ظَاهِرُ نِظَامِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ التَّخَتُّمِ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً، وَقَيَّدَهُ فِي الْفُرُوعِ بِالرَّجُلِ، وَعِبَارَتُهُ: وَكَرِهَهُ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى لِلرَّجُلِ وِفَاقًا لِلثَّلَاثَةِ لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْ ذَلِكَ.
قُلْت: وَهُوَ مَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ أَتَخَتَّمَ فِي أُصْبُعِي هَذِهِ أَوْ هَذِهِ، فَأَوْمَأَ إلَى الْوُسْطَى وَاَلَّتِي تَلِيهَا» وَرُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي غَيْرِ مُسْلِمٍ السَّبَّابَةُ وَالْوُسْطَى قَالَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ.
قَالَ: وَلَمْ يُقَيِّدْهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ.
فَظَاهِرُ ذَلِكَ لَا يُكْرَهُ فِي غَيْرِهَا، وَإِنْ كَانَ الْخِنْصَرُ أَفْضَلَ اقْتِصَارًا عَلَى النَّصِّ، وَقَالَهُ فِي الْإِقْنَاعِ وَغَيْرِهِ.
وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: وَالْإِبْهَامُ مِثْلُهُمَا.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَالْبِنْصِرُ مِثْلُهُ وَلَا فَرْقَ.
قَالَ