للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ كُلُّهَا فِي التَّغَافُلِ. وَكَثِيرًا مَا وَصَفَتْ الْعَرَبُ الْكُرَمَاءَ وَالسَّادَةَ بِالتَّغَافُلِ وَالْحَيَاءِ فِي بُيُوتِهَا وَأَنْدِيَتِهَا.

قَالَ الشَّاعِرُ

نَزِرُ الْكَلَامِ مِنْ الْحَيَاءِ تَخَالُهُ ... صَمْتًا وَلَيْسَ بِجِسْمِهِ سَقَمُ

وَقَالَ آخَرُ:

كَرِيمٌ يَغُضُّ الطَّرَفَ دُونَ خِبَائِهِ ... وَيَدْنُو وَأَطْرَافُ الرِّمَاحِ دَوَانِي

وَقَالَ كُثَيِّرٌ:

وَمَنْ لَمْ يُغْمِضْ عَيْنَهُ عَنْ صَدِيقِهِ ... وَعَنْ بَعْضِ مَا فِيهِ يَمُتْ وَهْوَ عَاتِبُ

وَمَنْ يَتَطَلَّبْ جَاهِدًا كُلَّ عَثْرَةٍ ... يَجِدْهَا وَلَا يَسْلَمْ لَهُ الدَّهْرَ صَاحِبُ

وَلَمَّا كَانَ إطْلَاقُ نِظَامِهِ يَشْمَلُ مَا يَمْدَحُهُ الشَّرْعُ وَيَذُمُّهُ بَيَّنَ النَّاظِمُ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْسُنُ عَدَمُ السُّؤَالِ وَالتَّغَافُلُ وَغَضُّ الطَّرْفِ عَنْ الْعَوَارِ فَقَالَ (إذَا لَمْ يَذْمُمْ) أَيْ يَعِبْ وَيَشِنْ (الشَّرْعُ) ذَلِكَ وَإِلَّا وَجَبَ السُّؤَالُ وَالتَّفْتِيشُ، فَإِنَّ التَّغَافُلَ إنَّمَا يُمْدَحُ فِي أَمْرِ الْمَعَاشِ وَفِي الْمُسَامَحَةِ فِي كَلِمَةٍ، وَإِهْمَالِ أَدَبٍ مِنْ آدَابِ الزَّوْجَةِ مَعَ زَوْجِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَأَمَّا فِي أَمْرِ الدِّينِ وَالْعِرْضِ فَلَا يَحْسُنُ التَّغَافُلُ لَا سِيَّمَا عَنْ الْوَاجِبَاتِ.

وَفِي الْحَدِيثِ «الْغَفْلَةُ فِي ثَلَاثٍ: عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ، وَحِينَ يُصَلِّي الصُّبْحَ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَغَفْلَةُ الرَّجُلِ عَنْ نَفْسِهِ فِي الدَّيْنِ حَتَّى يَرْكَبَهُ» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ، وَالْبَيْهَقِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -.

فَإِنَّك أَيُّهَا الْأَخُ فِي اللَّهِ إنْ فَعَلْت مَا أَمَرْتُك بِهِ مِنْ عَدَمِ السُّؤَالِ وَمِنْ غَضِّ الطَّرْفِ عَنْ الْعَوَارِ حَيْثُ لَمْ يَذُمَّهُ الشَّرْعُ (تَرْشُدْ) لِكُلِّ فِعْلٍ حَمِيدٍ وَتَسْعَدْ، وَتُوَفَّقْ لِلصَّوَابِ وَتُسَدَّدْ.

مَطْلَبٌ: النِّسَاءُ وَدَائِعُ عِنْدَ الرِّجَالِ

وَكُنْ حَافِظًا أَنَّ النِّسَاءَ وَدَائِعُ ... عَوَانٌ لَدَيْنَا احْفَظْ وَصِيَّةَ مُرْشِدِ

(وَكُنْ) أَيُّهَا الْأَخُ الْمُسْتَرْشِدُ وَالْحَافِظُ لِدِينِهِ، الْمُجْتَهِدُ عَلَى إظْهَارِ الْأَدَبِ وَتَبْيِينِهِ الْمُتَفَقِّدَ غَثَّ الْقَوْلِ مِنْ سَمِينِهِ (حَافِظًا) حِفْظَ تَحْقِيقٍ وَتَفَهُّمٍ، وَتَدْقِيقٍ وَتَعْلِيمٍ، حَدِيثَ النَّبِيِّ الْمُخْتَارِ، مَعْدِنِ الْأَسْرَارِ. وَيَنْبُوعِ الْأَنْوَارِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ وَكُنْ حَافِظًا وَدِيعَتَك يَعْنِي زَوْجَك، ثُمَّ عَلَّلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (أَنَّ) أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>