تَكُنْ لَهُمْ مَنَادِيلُ يَمْسَحُونَ بِهَا أَيْدِيَهُمْ وَلَمْ تَكُنْ عَادَتُهُمْ غَسْلَ أَيْدِيهِمْ كُلَّمَا أَكَلُوا انْتَهَى.
وَقَالَ فِي السِّيرَةِ الشَّامِيَّةِ: وَلَا عِبْرَةَ بِكَرَاهَةِ الْجُهَّالِ لِلَعْقِ الْأَصَابِعِ اسْتِقْذَارًا. نَعَمْ لَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ الْأَكْلِ فَيَنْبَغِي اجْتِنَابُهُ؛ لِأَنَّهُ يُعِيدُ أَصَابِعَهُ وَعَلَيْهَا أَثَرُ رِيقِهِ وَعَزَاهُ لِلْإِمَامِ ابْنِ الْقَيِّمِ، وَهُوَ جَيِّدٌ جِدًّا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مَطْلَبٌ: فِي أَكْلِ السَّاقِطِ مِنْ الطَّعَامِ
(وَ) يَحْسُنُ لِكُلِّ أَحَدٍ مِنْ الْآكِلِينَ وَغَيْرِهِمْ (أَكْلُ فُتَاتٍ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْفُتَاتُ مَا تَفَتَّتَ (سَاقِطٍ) مِنْ الطَّعَامِ عَلَى مَحَلٍّ طَاهِرٍ أَوَّلًا وَكَانَا جَافَّيْنِ (بِ) سَبَبِ (تَثَرُّدِ) الْخُبْزِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ ثَرَدَ الْخُبْزَ فَتَّهُ كَأَثْرَدَهُ وَتَثَرَّدَهُ بِالتَّاءِ وَالثَّاءِ عَلَى افْتَعَلَهُ فَقَدْ رَوَى ابْنُ مَاجَهْ، وَالْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: «دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْبَيْتَ فَرَأَى كِسْرَةً مُلْقَاةً فَأَخَذَهَا فَمَسَحَهَا، ثُمَّ أَكَلَهَا، وَقَالَ: يَا عَائِشَةُ أَحْسَنِي جِوَارَ نِعَمِ اللَّهِ، فَإِنَّهَا مَا نَفَرَتْ عَنْ قَوْمٍ فَعَادَتْ إلَيْهِمْ» . وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي سُكَيْنَةَ، وَهُوَ، وَالْبَزَّارُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُمِّ حَرَامٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَكْرِمُوا الْخُبْزَ» زَادَ أَبُو سُكَيْنَةَ «، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَكْرَمَهُ، فَمَنْ أَكْرَمَ الْخُبْزَ أَكْرَمَهُ اللَّهُ» . زَادَ عَبْدُ اللَّهِ «، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَهُ مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ وَسَخَّرَ لَهُ بَرَكَاتِ الْأَرْضِ، وَمَنْ تَتَبَّعَ مَا يَسْقُطُ مِنْ السُّفْرَةِ غُفِرَ لَهُ» قُلْت: أَوْرَدَهُ الْإِمَامُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى وَبُرَيْدَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُمِّ حَرَامٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَحَكَمَ عَلَيْهِ بِالْوَضْعِ وَتَعَقَّبَهُ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ بِأَنَّ الْحَاكِمَ أَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَصَحَّحَهُ وَأَقَرَّهُ الذَّهَبِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ.
وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي سُكَيْنَةَ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ، وَقَالَ ابْنُ الدَّيْبَعِ تِلْمِيذُ الْحَافِظِ السَّخَاوِيِّ فِي كِتَابِهِ التَّمْيِيزِ: حَدِيثُ «أَكْرِمُوا الْخُبْزَ» لَهُ طُرُقٌ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ مُضْطَرِبَةٌ، وَبَعْضُهَا أَشَدُّ مِنْ بَعْضٍ فِي الضَّعْفِ. قَالَ شَيْخُنَا: وَلَا يَتَهَيَّأُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِالْوَضْعِ لَا سِيَّمَا وَفِي الْمُسْتَدْرَكِ لِلْحَاكِمِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَكْرِمُوا الْخُبْزَ» انْتَهَى.
(لَطِيفَةٌ) أَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute