للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْحَيْسَةُ عَلَى مَعْنَى الْقِطْعَةِ مِنْ الْحَيْسِ، وَهُوَ الطَّعَامُ الْمُتَّخَذُ مِنْ التَّمْرِ وَالْأَقِطِ وَالسَّمْنِ، وَقَدْ يُجْعَلُ عِوَضَ الْأَقِطِ دَقِيقٌ.

مَطْلَبٌ: يُكْرَهُ النَّوْمُ تَحْتَ السَّمَاءِ مُتَجَرِّدًا

(تَتِمَّتَانِ: الْأُولَى) يُكْرَهُ النَّوْمُ تَحْتَ السَّمَاءِ مُتَجَرِّدًا؛ وَبَيْنَ قَوْمٍ مُسْتَيْقِظِينَ، وَنَوْمُهُ وَحْدَهُ كَسَفَرِهِ وَحْدَهُ، وَقَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ، وَلَوْ كَانَ لَهُ مَنْ يُوقِظُهُ، وَالْحَدِيثُ بَعْدَهَا إلَّا فِي أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ شُغْلٍ، أَوْ شَيْءٍ يَسِيرٍ، أَوْ أَهْلٍ، أَوْ ضَيْفٍ. لِمَا رَوَى الطَّبَرَانِيُّ، وَرَمَزَ السُّيُوطِيّ لِحُسْنِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ النَّوْمِ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَعَنْ الْحَدِيثِ بَعْدَهَا» .

وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ «مَا نَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ الْعِشَاءِ وَلَا سَمَرَ بَعْدَهُ» .

قَالَ فِي السِّيرَةِ الشَّامِيَّةِ: السَّمَرُ بِسِينٍ مُهْمَلَةٍ فَمِيمٍ مَفْتُوحَتَيْنِ فَرَاءٍ: الْحَدِيثُ بِاللَّيْلِ انْتَهَى. وَفِي بَعْضِ كُتُبِ أَهْلِ الْأَدَبِ: الْمُسَامَرَةُ إنْصَاتٌ لِمُتَكَلِّمٍ، وَكَلَامٌ لِمُسْتَمِعٍ، وَمُفَاوَضَةٌ فِيمَا يَلِيقُ وَيَجْمُلُ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَرْزَةَ نَضْلَةَ الْأَسْلَمِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا» .

وَمِمَّنْ كَرِهَ النَّوْمَ قَبْلَهَا عُمَرُ وَابْنُهُ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُمْ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَكَذَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَأَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ.

وَسَبَبُ الْكَرَاهَةِ تَعْرِيضُهَا لِفَوَاتِ وَقْتِهَا بِاسْتِغْرَاقِ النَّوْمِ، وَلِئَلَّا يَتَسَاهَلَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ فَيَنَامُوا عَنْ صَلَاتِهَا جَمَاعَةً. وَرَخَّصَ فِي ذَلِكَ عَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَالْكُوفِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ. وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: تُرُخِّصَ فِيهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ مَنْ يُوقِظُهُ. وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مِثْلُهُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي مِنْ أَئِمَّتِنَا. وَفِي الْآدَابِ الْكُبْرَى لِلْإِمَامِ ابْنِ مُفْلِحٍ - رَوَّحَ اللَّهُ رُوحَهُ بِرَوَائِحِ الْفِرْدَوْسِ الْأَعْلَى -: النَّوْمُ عِنْدَ سَمَاعِ الْخَيْرِ مِنْ الْمَوْعِظَةِ وَالْعِلْمِ مِنْ الشَّيْطَانِ.

نَقَلَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>