بِامْرَأَتِهِ بِالْأَلِفِ دَخَلَ بِهَا، وَأَعْرَسَ عَمِلَ عُرْسًا، وَعَرَّسَ الْمُسَافِرُ بِالتَّثْقِيلِ إذَا نَزَلَ لِيَسْتَرِيحَ ثُمَّ يَرْتَحِلُ، وَالِاسْمُ التَّعْرِيسُ. انْتَهَى.
وَفِي الْقَامُوسِ: وَالْعِرْسُ بِالْكَسْرِ امْرَأَةُ الرَّجُلِ وَرَجُلُهَا وَالْجَمْعُ أَعْرَاسٌ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. وَالْمَعْنَى: أَنَّ مَنْ كَانَ مِنْ الرِّجَالِ فِي فَضْلِ امْرَأَتِهِ يَكُونُ مَسْلُوبَ الْخَيْرِيَّةِ لِأَنَّهُ قَدْ عَكَسَ الْفِطْرَةَ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ النَّاسَ عَلَيْهَا مِنْ كَوْنِ الرِّجَالِ قَوَّامِينَ عَلَى النِّسَاءِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ.
وَأَمَّا هَذَا فَصَارَتْ هِيَ قَائِمَةً عَلَيْهِ وَلَهَا عَلَيْهِ مَزِيَّةُ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ وَالْإِحْسَانُ إلَيْهِ. فَهُوَ (يَرُوحُ) أَيْ يَرْجِعُ (عَلَى هُونٍ) أَيْ ذُلٍّ وَخُضُوعٍ يُقَالُ: هَانَ هُونًا بِالضَّمِّ وَهَوَانًا وَمَهَانَةً ذَلَّ فَهُوَ ذَلِيلٌ فِي إيَابِهِ (إلَيْهَا) لِاحْتِيَاجِهِ لِمَا فِي يَدَيْهَا (وَيَغْتَدِي) أَيْ يَذْهَبُ كَذَلِكَ، فَالذُّلُّ مُلَازِمٌ لَهُ ذَهَابًا وَإِيَابًا؛ لِأَنَّ مَنْ احْتَاجَ إلَى شَيْءٍ ذَلَّ لِمَنْ حَاجَتُهُ عِنْدَهُ، وَهَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ أَوْصَافِ الزَّوْجَةِ لَا مِنْ أَوْصَافِ الرَّجُلِ، وَلَكِنَّ هَذَا لَمَّا سُلِبَ الْخَيْرِيَّةَ، وَصِفَاتِ الرُّجُولِيَّةِ وَرَضِيَ بِالذُّلِّ وَالْهَوَانِ، وَأَلِفَ الرَّاحَةَ، وَتَوَسَّدَ الرَّاحَةَ، كَانَ بِمَنْزِلَةِ النِّسْوَانِ، وَالْفَتَايَا لَا الْفِتْيَانِ. وَاَللَّهُ وَلِيُّ الْإِحْسَانِ.
ثُمَّ أَخَذَ النَّاظِمُ يَذْكُرُ شَيْئًا مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، وَحُسْنِ الْعِشْرَةِ بِالْمَعْرُوفِ وَالْإِنْفَاقِ، فَقَالَ:
مَطْلَبٌ: حُكْمُ تَصَدُّقِ الْمَرْأَةِ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ
وَلَا تُنْكِرَنْ بَذْلَ الْيَسِيرِ تَنَكُّدًا ... وَسَامِحْ تَنَلْ أَجْرًا وَحُسْنَ التَّوَدُّدِ
(وَلَا تُنْكِرَنْ) بِنُونِ التَّوْكِيدِ الْخَفِيفَةِ أَنْتَ عَلَى زَوْجَتِك (بَذْلَ) الشَّيْءِ (الْيَسِيرِ) مِنْ بَيْتِك مِنْ إعْطَاءِ سَائِلٍ وَطُعْمَةِ جَائِعٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَلَا يَنْبَغِي لَك أَنْ تُنْكِرَ ذَلِكَ (تَنَكُّدًا) أَيْ لِأَجْلِ التَّنَكُّدِ، يُقَالُ نَكِدَ عَيْشُهُمْ كَفَرِحَ اشْتَدَّ وَعَسُرَ، وَالْبِئْرُ قَلَّ مَاؤُهَا. وَنَكِدَ زَيْدٌ حَاجَةَ عَمْرٍو مَنَعَهُ إيَّاهَا، وَنَكِدَ زَيْدٌ فُلَانًا مَنَعَهُ مَا سَأَلَهُ أَوْ لَمْ يُعْطِهِ إلَّا أَقَلَّهُ. وَالنُّكْدُ بِالضَّمِّ قِلَّةُ الْعَطَاءِ وَيُفْتَحُ، يَعْنِي لَا تَفْعَلْ ذَلِكَ مَنْعًا مِنْك وَشُحًّا فِيكَ، وَبُخْلًا وَحِرْصًا فِيمَا لَدَيْك، فَإِنَّ الشُّحَّ مَذْمُومٌ، وَالْبَخِيلَ مَلُومٌ.
وَقَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ، وَثَبَتَ عَنْ مَعْدِنِ السَّعَادَةِ وَالسِّيَادَةِ، مُسَامَحَةُ النِّسَاءِ فِي مِثْلِ هَذَا.
اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ تَعْلَمَ شُحَّ زَوْجِهَا وَبُخْلَهُ فَيَمْتَنِعَ عَلَيْهَا الْبَذْلُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute