وَلَكِنَّ النَّاظِمَ لَا يَرْضَى لَك أَنْ تَتَّصِفَ بِالشُّحِّ الْمُنَافِي لِلْفَلَاحِ، فَلِذَا قَالَ (وَسَامِحْ) أَيْ جُدْ وَتَكَرَّمْ، يُقَالُ سَمُحَ كَكَرُمَ سَمَاحًا وَسَمَاحَةً وَسُمُوحَةً وَسَمْحًا جَادَ وَكَرُمَ، كَأَسْمَحَ فَهُوَ سَمْحٌ وَيُجْمَعُ عَلَى " سُمَحَاءُ ".
قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَسُمَحَاءُ كَأَنَّهُ جَمْعُ سَمِيحٍ وَمَسَامِيحُ كَأَنَّهُ جَمْعُ مِسْمَاحٍ وَنِسْوَةٌ سِمَاحٌ لَيْسَ غَيْرُ انْتَهَى.
فَالسَّمَاحَةُ تُفِيدُ صَاحِبَهَا الْأَجْرَ وَالرَّاحَةَ، وَلِذَا قَالَ (تَنَلْ) فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَجْزُومٌ فِي جَوَابِ الطَّلَبِ (أَجْرًا) بِالْمُسَامَحَةِ وَبَذْلِ الزَّوْجَةِ الْيَسِيرَ مِنْ مَالِك، فَإِنَّمَا لَهَا أَجْرُ مُنَاوِلٍ وَلَك الْأَجْرُ كَامِلًا (وَ) تَنَلْ مَعَ الْأَجْرِ (حُسْنَ التَّوَدُّدِ) أَيْضًا، فَقَدْ رَبِحَتْ تِجَارَتُك مَرَّتَيْنِ الْأَجْرَ وَحُسْنَ التَّوَدُّدِ بَيْنَك وَبَيْنَ أَهْلِك.
قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْوُدُّ وَالْوِدَادُ الْحُبُّ، وَيُثَلَّثَانِ كَالْوِدَادَةِ وَالْمَوَدَّةِ، وَتَوَدَّدَهُ اجْتَلَبَ وُدَّهُ، وَتَوَدَّدَ إلَيْهِ تَحَبَّبَ، وَالتَّوَدُّدُ التَّحَابُّ.
وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا أَنْفَقَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ طَعَامِ بَيْتِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ؛ فَإِنَّ لَهَا أَجْرَهَا بِمَا أَنْفَقَتْ، وَلِزَوْجِهَا أَجْرُهُ بِمَا اكْتَسَبَ، وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَلَا يَنْقُصُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَجْرِ بَعْضٍ شَيْئًا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا. وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ إذَا تَصَدَّقَتْ بَدَلَ أَنْفَقَتْ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضًا عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَتْ «قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لِي مَالٌ إلَّا مَا أَدْخَلَ عَلَيَّ الزُّبَيْرُ أَفَأَتَصَدَّقُ؟ قَالَ: تَصَدَّقِي وَلَا تُوعِي فَيُوعِيَ اللَّهُ عَلَيْك» .
وَفِي رِوَايَةٍ «أَنَّهَا جَاءَتْ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ لَيْسَ لِي شَيْءٌ إلَّا مَا أَدْخَلَ عَلَيَّ الزُّبَيْرُ فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ أَنْ أَرْضَخَ مِمَّا يُدْخِلُ عَلَيَّ؟ قَالَ: أَرْضِخِي مَا اسْتَطَعْت وَلَا تُوعِي فَيُوعِي اللَّهُ عَلَيْك» .
وَفِي سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا تَصَدَّقَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا كَانَ لَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute