للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّالِثُ) : قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُسَنُّ أَنْ يُقَابِلَ بَيْنَ نَعْلَيْهِ.

«وَكَانَ لِنَعْلِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قِبَالَانِ» بِكَسْرِ الْقَافِ، وَهُوَ السَّيْرُ بَيْنَ الْوُسْطَى وَاَلَّتِي تَلِيهَا، وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الشَّمَائِلِ وَابْنُ مَاجَهْ، وَفِي الْمُخْتَارَةِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ.

قَالَ فِي النِّهَايَةِ: الْقِبَالُ زِمَامُ النَّعْلِ، وَهُوَ السَّيْرُ الَّذِي يَكُونُ بَيْنَ الْأُصْبُعَيْنِ، وَقَدْ أَقْبَلَ نَعْلَهُ، وَقَابَلَهَا. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «قَابِلُوا النِّعَالَ» أَيْ اعْمَلُوا لَهَا قِبَالًا. وَنَعْلٌ مُقَبَّلَةٌ إذَا جُعِلَتْ لَهَا قِبَالًا، وَمَقْبُولَةٌ: إذَا شَدَدْت قِبَالَهَا. انْتَهَى.

(الرَّابِعُ) يُكْرَهُ أَنْ يُخَالِفَ بَيْنَ نَعْلَيْهِ بِلَا حَاجَةٍ لِمَا فِيهِ مِنْ الشُّهْرَةِ وَالِاسْتِهْجَانِ

مَطْلَبٌ: يُكْرَهُ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ لُبْسُ النِّعَالِ السِّنْدِيَّةِ:

وَيُكْرَهُ سِنْدِيُّ النِّعَالِ لِعُجْبِهِ ... بِصَرَّارِهَا زِيُّ الْيَهُودِ فَأَبْعِدْ

(وَيُكْرَهُ) لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ لُبْسُ (سَنْدِيِّ النِّعَالِ) أَيْ الْمَنْسُوبَةِ إلَى السِّنْدِ (لِ) أَجْلِ (عُجْبِهِ) أَيْ لَابِسُهَا (بِصَرَّارِهَا) أَيْ بِصَوْتِهَا وَجَلَبَتِهَا كَصَرِيرِ الْبَابِ.

وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ} [الذاريات: ٢٩] أَيْ حَالَ مَجِيئِهَا صَائِحَةً.

نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى كَرَاهَةِ اتِّخَاذِ النِّعَالِ السِّنْدِيَّةِ.

قَالَ لَهُ الْمَرُّوذِيُّ: أَمَرُونِي فِي الْمَنْزِلِ أَنْ أَشْتَرِيَ نَعْلًا سِنْدِيًّا لِلصِّبْيَةِ، فَقَالَ: لَا تَشْتَرِ.

فَقُلْت: يُكْرَهُ لِلنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ؟ قَالَ: نَعَمْ أَكْرَهُهُ، وَإِنْ كَانَ لِلْمَخْرَجِ وَالطِّينِ فَأَرْجُو، وَأَمَّا إنْ أَرَادَ الزِّينَةَ فَلَا.

وَقَالَ عَنْ شَخْصٍ لَبِسَهَا يَتَشَبَّهُ بِأَوْلَادِ الْمُلُوكِ.

وَقَالَ فِي رَايَةِ صَالِحٍ: إذَا كَانَ لِلْوُضُوءِ فَأَرْجُو، وَأَمَّا لِلزِّينَةِ فَأَكْرَهُهُ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَكَرِهَهُ أَيْضًا فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَرْبٍ فَقَالَ: إنْ كَانَ لِلْكَنِيفِ وَالْوُضُوءِ يَعْنِي فَلَا كَرَاهَةَ.

وَقَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أَكْرَهُ الصَّرَّارَةَ: وَقَالَ: مِنْ زِيِّ الْعَجَمِ.

وَلِذَا قَالَ النَّاظِمُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (زِيُّ) أَيْ هِيَ زِيُّ (الْيَهُودِ) الْمَغْصُوبِ عَلَيْهِمْ (فَأَبْعِدْ) فِعْلُ أَمْرٍ مَجْزُومٌ وَحُرِّكَ بِالْكَسْرِ لِلْقَافِيَةِ. وَيُحْتَمَلُ قِرَاءَةُ زِيِّ بِالْفَتْحِ مَفْعُولٌ مُقَدَّمٌ لِأَبْعَدِ، أَيْ أَبْعِدْ زِيَّ الْيَهُودِ وَلَا تَقْرَبْهُ فَإِنَّا نُهِينَا عَنْ التَّشَبُّهِ بِهِمْ وَبِسَائِرِ الْأَعْجَامِ، وَفِي

<<  <  ج: ص:  >  >>