بِالْعَدُوِّ. وَفِي الْوَاضِحِ رِوَايَتَانِ: الْجَوَازُ وَعَدَمُهُ بِلَا ضَرُورَةٍ وَبَنَاهُمَا عَلَى الْإِسْهَامِ لَهُ، كَذَا قَالَ: وَفِي الْبُلْغَةِ: يُحَرَّمُ إلَّا لِحَاجَةٍ بِحُسْنِ الظَّنِّ قَالَ: وَقِيلَ إلَّا لِضَرُورَةٍ وَأَطْلَقَ أَبُو الْحَسَنِ وَغَيْرُهُ أَنَّ الرِّوَايَةَ لَا تَخْتَلِفُ أَنَّهُ لَا يُسْتَعَانُ بِهِمْ وَلَا يُعَاوَنُونَ وَأَخَذَ الْقَاضِي مِنْ تَحْرِيمِ الِاسْتِعَانَةِ تَحْرِيمَهَا فِي الْعِمَالَةِ، وَالْكِتَابَةِ وَسَأَلَهُ أَبُو طَالِبٍ عَنْ مِثْلِ الْخَرَاجِ قَالَ: لَا يُسْتَعَانُ بِهِمْ فِي شَيْءٍ وَأَخَذَ الْقَاضِي مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ كَوْنُهُ عَامِلًا فِي الزَّكَاةِ، فَدَلَّ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَالْأَوْلَى الْمَنْعُ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ مَفَاسِدُ أَوْ يُفْضِي إلَيْهَا، فَهُوَ أَوْلَى مِنْ مَسْأَلَةِ الْجِهَادِ.
وَقَالَ شَيْخُنَا: مَنْ تَوَلَّى مِنْهُمْ دِيوَانًا لِلْمُسْلِمِينَ انْتَقَضَ عَهْدُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الصِّغَارِ وَفِي الرِّعَايَةِ يُكْرَهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ تَحْرِيمُ الِاسْتِعَانَةِ بِأَهْلِ الْأَهْوَاءِ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ فِيهِ أَعْظَمَ الضَّرَرِ؛ لِأَنَّهُمْ دُعَاةٌ، وَالْيَهُودُ وَالنَّصَارَى لَا يَدْعُونَ إلَى أَدْيَانِهِمْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ انْتَهَى كَلَامُهُ فِي الْفُرُوعِ.
فَظَهَرَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مِنْ الْمَذْهَبِ الْكَرَاهَةُ فَقَطْ كَمَا عَلَيْهِ النَّاظِمُ، وَأَنَّ الْقَوْلَ الثَّانِيَ يَحْرُمُ ذَلِكَ، وَعَلَيْهِ الشَّيْخُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. قُلْت: وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الشَّيْخُ عَبْدُ الْبَاقِي الْأَثَرِيُّ الْحَنْبَلِيُّ فِي رِسَالَةٍ لَهُ مُتَعَلِّقَةٍ بِأَهْلِ الذِّمَّةِ، فَاَللَّهُ يُؤَيِّدُ دِينَهُ وَيَنْصُرُ مِلَّةَ نَبِيِّهِ إنَّهُ جَوَادٌ كَرِيمٌ رَءُوفٌ رَحِيمٌ. .
مَطْلَبٌ: فِي كَرَاهَةِ اسْتِطْبَابِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَحِكَايَةِ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ مَعَ الْيَهُودِيِّ:
وَمَكْرُوهٌ اسْتِطْبَابُهُمْ لَا ضَرُورَةً ... وَمَا رَكَّبُوهُ مِنْ دَوَاءٍ مُوَصَّدٍ
، (وَمَكْرُوهٌ اسْتِطْبَابُهُمْ) أَيْ طَلَبُ كَوْنِ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ طَبِيبًا وَاِتِّخَاذَ أَحَدِهِمْ طَبِيبًا؛ لِعَدَمِ الثِّقَةِ بِأَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ وَافْتِقَادِ النَّصِيحَةِ مِنْ نِسَائِهِمْ وَرِجَالِهِمْ.
قَالَ السُّلْطَانُ الْعَادِلُ مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ فِي دُرَرِ الْآدَابِ يُقَالُ: إنَّ الْمِقْدَادَ بْنَ الْأَسْوَدِ الْكِنْدِيَّ جَمَعَتْهُ الطَّرِيقُ مَعَ رَجُلٍ يَهُودِيٍّ، وَهُوَ رَاكِبٌ، وَالْيَهُودِيُّ رَاجِلٌ، فَلَمَّا وَصَلَا إلَى بَابِ الْمَدِينَةِ مَسَكَ الْمِقْدَادُ الْيَهُودِيَّ، وَقَالَ لَهُ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «مَا صَحِبَ مُسْلِمٌ يَهُودِيًّا وَلَا عَامَلَهُ إلَّا غَشَّهُ» وَأَنْتَ قَدْ سَايَرْتَنِي إلَى بَابِ هَذِهِ الْمَدِينَةِ فَبِمَ غَشَشْتَنِي؟ فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ: الْغِشُّ يَكُونُ فِي الْمُعَامَلَةِ، أَوْ فِي الْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ، فَشَدَّدَ عَلَيْهِ الْمِقْدَادُ، وَأَنَّهُ لَا يُخَلِّيه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute