الذَّنْبِ. فَمَتَى ادَّعَى الزِّيَادَةَ عَلَى مَا اقْتَضَتْهُ اللُّغَةُ احْتَاجَ إلَى دَلِيلٍ. انْتَهَى كَلَامُهُ مُلَخَّصًا مَعَ زِيَادَةٍ فِيهِ.
قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَزْمَ رُكْنٌ. وَالْأَمْرُ فِي هَذَا قَرِيبٌ فَإِنَّهُ مُعْتَبَرٌ عِنْدَهُمْ. انْتَهَى.
وَأَنْتَ خَبِيرٌ أَنَّا مَتَى قُلْنَا الْعَزْمُ رُكْنٌ صَارَ شَطْرًا لَا شَرْطًا. إذْ الرُّكْنُ مِنْ الْمَاهِيَّةِ بِخِلَافِ الشَّرْطِ. فَمَتَى تَوَفَّرَتْ التَّوْبَةُ عَلَى النَّسَقِ الْمَذْكُورِ قُبِلَتْ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَغُفِرَ الذَّنْبُ وَهِيَ التَّوْبَةُ النَّصُوحُ. كَمَا قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ إنَّهَا نَدَمٌ بِالْقَلْبِ، وَاسْتِغْفَارٌ بِاللِّسَانِ، وَتَرْكٌ بِالْجَوَارِحِ، وَإِضْمَارٌ أَنْ لَا يَعُودَ.
مَطْلَبٌ: فِي بَيَانِ التَّوْبَةِ النَّصُوحِ.
وَقَالَ الْبَغَوِيّ فِي تَفْسِيرِهِ: قَالَ عُمَرُ وَأُبَيٌّ وَمُعَاذٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -: التَّوْبَةُ النَّصُوحُ أَنْ يَتُوبَ ثُمَّ لَا يَعُودُ إلَى الذَّنْبِ كَمَا لَا يَعُودُ اللَّبَنُ إلَى الضَّرْعِ. كَذَا قَالَ. وَفِي صِحَّةِ هَذَا عَنْهُمْ نَظَرٌ. ثُمَّ لَعَلَّ الْمُرَادَ التَّوْبَةُ الْكَامِلَةُ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهَا.
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: هِيَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ بِاللِّسَانِ، وَيَنْدَمَ بِالْقَلْبِ، وَيُمْسِكَ بِالْبَدَنِ. فَظَاهِرُهُ عَدَمُ اعْتِبَارِ إضْمَارِ أَنْ لَا يَعُودَ.
قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: وَلَمْ أَجِدْ مَنْ صَرَّحَ بِعَدَمِ اعْتِبَارِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْإِمَامُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَّا أَنَّ التَّوْبَةَ النَّصُوحَ أَنْ يَتُوبَ الْعَبْدُ مِنْ الذَّنْبِ وَهُوَ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ أَنْ لَا يَعُودَ.
[مَطْلَبٌ: إذَا لَمْ يُكَرِّرْ الْعَبْدُ التَّوْبَةَ كُلَّمَا خَطَرَ ذَنْبُهُ بِبَالِهِ]
مَطْلَبٌ: هَلْ إذَا لَمْ يُكَرِّرْ الْعَبْدُ التَّوْبَةَ كُلَّمَا خَطَرَ ذَنْبُهُ بِبَالِهِ يَكُونُ نَاقِصًا لِلتَّوْبَةِ أَمْ لَا؟
وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَاعْلَمْ أَنَّ التَّوْبَةَ نَدَمٌ يُورِثُ عَزْمًا وَقَصْدًا، وَعَلَامَةُ النَّدَمِ طُولُ الْحُزْنِ عَلَى مَا فَاتَ. وَعَلَامَةُ الْعَزْمِ وَالْقَصْدِ التَّدَارُكُ لِمَا فَاتَ وَإِصْلَاحُ مَا يَأْتِي. فَإِنْ كَانَ الْمَاضِي تَفْرِيطًا فِي عِبَادَةٍ قَضَاهَا، أَوْ مَظْلَمَةٍ أَدَّاهَا، أَوْ خَطِيئَةٍ لَا تُوجِبُ غَرَامَةً حَزِنَ إذْ تَعَاطَاهَا. قَالَ وَمِنْ عَلَامَاتِ التَّائِبِ أَنْ يَغْضَبَ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا غَضِبَ مَاعِزٌ وَالْغَامِدِيَّةُ فَأَسْلَمَاهَا إلَى الْهَلَاكِ قَالَ وَهَذَا ذَكَرْنَاهُ مِثَالًا. وَإِنْ كُنَّا لَا نَرَى إلَّا أَنَّ الْعَاصِيَ يَسْتُرُ نَفْسَهُ. وَمِنْهَا أَنْ تَضِيقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute