التَّلَفُ جَازَ إنْ لَمْ يَسْرِ الْقَطْعُ غَالِبًا، ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قَالَ السَّامِرِيُّ: وَالنَّهْيُ هُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْهُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى الْكَرَاهَةِ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ وَغَيْرِهِ، وَفِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ: أَكْرَهُهُ شَدِيدًا كَمَا قَدَّمْنَا (وَبَطُّ) مِنْ بَابِ قَتَلَ شَقَّ (الْأَذَى) يَعْنِي أَنَّ بَطَّ نَحْوَ الْجُرْحِ مِنْ الْبُثُورِ وَمَا يَطْلُعُ فِي بَدَنِ الْإِنْسَانِ لِيَخْرُجَ مِنْهَا الْأَذَى مِنْ الْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ (حِلٌّ) أَيْ حَلَالٌ قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى، وَيُبَاحُ الْبَطُّ ضَرُورَةً مَعَ ظَنِّ السَّلَامَةِ، (كَمَا) يَحِلُّ (قَطْعُ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَاءِ الْإِنْسَانِ (مُجَوَّدِ) أَيْ مُمَكَّنٍ الدَّاءُ فِيهِ فَيُقْطَعُ. .
مَطْلَبٌ: فِي حُكْمِ بَطِّ الْجُرْحِ وَقَطْعِ الْعُضْوِ خَوْفَ السَّرَيَانِ
لِآكِلَةٍ تَسْرِي بِعُضْوٍ أَبِنْهُ إنْ ... تَخَافَنَّ عُقْبَاهُ وَلَا تَتَرَدَّدْ
(لِ) أَجْلِ زَوَالِ (آكِلَةٍ تَسْرِي) مِنْ السَّرَيَانِ أَيْ تَزِيدُ (بِعُضْوٍ) هِيَ فِيهِ (أَبِنْهُ) أَيْ اقْطَعْهُ وَافْصِلْهُ عَنْك (إنْ) كُنْت (تَخَافَنَّ عُقْبَاهُ) أَيْ عَاقِبَتَهُ إنْ لَمْ تَقْطَعْهُ بِأَنْ خِفْت زِيَادَةَ الْأَلَمِ وَسَرَيَانَ الْأَذَى، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَأَبِنْهُ عَنْك (وَلَا تَتَرَدَّدْ) فِي قَطْعِهِ، فَإِنَّهُ حَلَالٌ جَائِزٌ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ: كَانَ الْحَسَنُ يَكْرَهُ الْبَطَّ وَلَكِنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَخَّصَ فِيهِ قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: وَكَذَا مُعَالَجَةُ الْأَمْرَاضِ الْمَخُوفَةِ كُلِّهَا وَمُدَاوَاتُهَا وَيُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «دَخَلْت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى رَجُلٍ نَعُودُهُ بِظَهْرِهِ وَرَمٌ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ مِدَّةٌ قَالَ: بُطُّوا عَنْهُ قَالَ عَلِيٌّ: فَمَا بَرِحْت حَتَّى بُطَّتْ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُشَاهِدُ» .
وَيُرْوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ طَبِيبًا أَنْ يُبْطِنَ بَطْنَ رَجُلٍ أَحَوَى الْبَطْنِ فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ يَنْفَعُ الطِّبُّ؟ قَالَ: الَّذِي أَنْزَلَ الدَّاءَ أَنْزَلَ الشِّفَاءَ فِيمَا شَاءَ» وَرَوَى ابْنُ السُّنِّيِّ عَنْ «بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ خَرَجَ فِي بَعْضِ أُصْبُعِي بَثْرَةٌ فَقَالَ: عِنْدَك ذَرِيرَةٌ قُلْت: نَعَمْ قَالَ: ضَعِيهَا وَقَوْلِي: اللَّهُمَّ مُصَغِّرَ الْكَبِيرِ وَمُكَبِّرَ الصَّغِيرِ صَغِّرْ مَا بِي» .
الْبَثْرُ، وَالْبُثُورُ خُرَاجٌ صِغَارٌ بِتَخْفِيفِ الرَّاءِ وَاحِدَتُهَا بَثْرَةٌ، وَقَدْ بَثِرَ وَجْهُهُ يَبْثَرُ بِتَثْلِيثِ الثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ، وَالذَّرِيرَةُ بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ دَوَاءٌ هِنْدِيٌّ يُتَّخَذُ مِنْ قَصَبٍ طَيِّبٍ يُجَاءُ بِهِ مِنْ الْهِنْدِ حَارَّةً يَابِسَةً تَنْفَعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute